اجتمع الرأي منهم على تلك المقالة جميعا امر الاسقف بالناقوس فضرب به ورفعت المسوح بالصوامع ، وكذلك كانوا يفعلون اذا فزعوا بالنهار ، واذا كان فزعهم ليلا ضرب بالناقوس ورفعت النيران في الصوامع ، فاجتمع اهل الوادي اعلاه واسفله وطوله مسيرة يوم للراكب السريع وفيه ثلاثة وسبعون قرية وعشرون ومائة الف مقاتل ، فقرأ عليهم كتاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وسألهم عن الرأي فيه ، فاجتمع رأي أهل الرأي منهم على ان يبعثوا شرحبيل بن وداعة الهمداني وعبد الله بن شرحبيل وجبار بن فيض فيأتونه بخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فانطلق الوفد حتى اذا كانوا بالمدينة وضعوا ثياب السفر عنهم ولبسوا حللا لهم يجرونها من حبرة وخواتيم الذهب ، ثم انطلقوا حتى اتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فسلموا عليه فلم يرد عليهمالسلام ، وتصدوا لكلامه نهارا طويلا فلم يكلمهم وعليهم تلك الحلل والخواتيم الذهب ، فانطلقوا يبتغون عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وكانا معرفة لهم كانا يبعثان العير الى نجران في الجاهلية فيشترى لهما من برها وثمرها فوجدوهما في ناس من المهاجرين والانصار في مجلس ، فقالوا : يا عثمان ويا عبد الرحمن ان نبيكم كتب إلينا بكتاب فاقبلنا مجيبين له فاتيناه فسلمنا عليه فلم يرد سلامنا ، فتصدينا لكلامه نهارا طويلا فاعيانا ان يكلمنا ، فما الرأي منكما أنعود ، أم نرجع إليه؟ فقالا لعلي بن ابي طالب وهو في القوم ما ترى يا أبا الحسن في هؤلاء القوم؟ فقال : علي لعثمان وعبد الرحمن أرى أن يضعوا حللهم هذه وخواتيمهم ويلبسوا ثياب سفرهم ثم يعودون إليه ، ففعل وفد نجران ذلك وضعوا حللهم وخواتيمهم ، ثم عادوا الى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسلموا عليه فرد عليهم سلامهم ، ثم قال : «والذي بعثني بالحق لقد أتوني المرة الأولى وان ابليس لمعهم» ثم سألهم وسألوه فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا له : ما تقول في عيسى فانا نحب أن نعلم ما تقول فيه ، فانزل الله عزوجل (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [آل عمران : ٥٩] (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) [آل عمران : ٦٠] (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ ، وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ، ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) [آل عمران : ٦١] (فأبوا أن يقروا بذلك ، فلما أصبح رسول الله صلىاللهعليهوسلم الغد بعد ما أخبرهم الخبر اقبل