خُشُوعاً) [الاسراء : ١٠٩] قال امام التفسير مجاهد : هم قوم من أهل الكتاب لما سمعوا القرآن خروا سجدا وقالوا (سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً) [الاسراء : ١٠٨] كان الله عزوجل وعد على ألسنة انبيائه ورسله ان يبعث في آخر الزمان نبيا عظيم الشأن يظهر دينه على الدين كله ، وتنتشر دعوته في اقطار الارض ، وعلى رأس أمته تقوم الساعة ، واهل الكتابين مجمعون على ان الله وعدهم بهذا النبي ، فالسعداء منهم عرفوا الحق فآمنوا به واتبعوه ، والاشقياء قالوا نحن ننتظره ولم يبعث بعد رسولا ، فالسعداء لما سمعوا القرآن من الرسول عرفوا انه النبي الموعود به فخروا سجدا لله ايمانا به وبرسوله وتصديقا بوعده الذي انجزه فرأوه عيانا فقالوا (سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً) [الاسراء : ١٠٨].
وذكر يونس بن بكير عن سلمة بن عبد يسوع عن أبيه عن جده قال يونس وكان نصرانيا فاسلم ان رسول الله صلىاللهعليهوسلم كتب الى أهل نجران : «بسم إله ابراهيم واسحاق ويعقوب ، من محمد النبي رسول الله الى اسقف نجران واهل نجران (سلم انتم) اني أحمد إليكم إله ابراهيم وإسحاق ويعقوب ، اما بعد فاني ادعوكم الى عبادة الله من عبادة العباد ، وادعوكم الى ولاية الله من ولاية العباد ، فان ابيتم فالجزية ، فان ابيتم فقد آذنتكم بحرب والسلام» فلما اتي الاسقف الكتاب فقرأه فظع به وذعره ذعرا شديدا فبعث الى رجل من أهل عمان يقال له شرحبيل ابن وداعة وكان من همدان ولم يكن احد يدعى الى معضلة قبله فدفع الاسقف كتاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم الى شرحبيل فقرأه فقال الأسقف ما رأيك يا أبا مريم؟ فقال شرحبيل قد علمت ما وعد الله ابراهيم في ذرية اسماعيل من النبوة فما نأمن من أن يكون هذا هو ذاك الرجل ، ليس لي في النبوة رأي ، لو كان من أمر الدنيا اشرت عليك فيه برأي وجهدت لك. فقال الاسقف تنح فاجلس ، فتنحي فجلس ناحية ، فبعث الاسقف الى رجل من اهل نجران يقال له عبد الله بن شرحبيل وهو من ذي اصبح من حمير فاقرأه الكتاب وسأله عن الرأي فيه ، فقال له مثل قول شرحبيل ، فأمره الاسقف فتنحى ، ثم بعث الى رجل من اهل نجران يقال له جبار بن فيض من بني الحارث بن كعب فاقرأه الكتاب وسأله عن الرأي فيه ، فقال له مثل قول شرحبيل وعبد الله ، فامره الاسقف فتنحى ناحية ، فلما