طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح. ولا شك أن هذا أقبح وأقطع مما ألزموه علينا.
وأما الوجه الثالث من الوجوه التي نسبناها إليهم :
فجوابه : إن مذهبهم : أن حصول الفعل لا يتوقف على الداعي. وحينئذ يلزمهم على هذا المذهب ، عين ما ألزموه علينا.
وبالله التوفيق
وأما بيان أن كل من نفى كون العبد موجدا ، فإنه يتعذر عليه الاعتراف بالنبوة (١) فبيانه من ثلاثة وجوه :
__________________
(١) في التوراة ، وفي الإنجيل : نبوءات واضحة الدلالة على نبي الإسلام ، محمد صلىاللهعليهوسلم. نذكر منها :
أولا : البشارة بنبي الإسلام في التوراة
أولا : جاء في سفر التكوين : أن الله تعالى وعد إبراهيم عليهالسلام بأن يطرح البركة في ولديه أ ـ إسماعيل ب ـ وإسحاق. وقد فسر علماء اليهود البركة بأنها تعني أ ـ الملك ب ـ والنبوة. أي يكون من نسل إسحاق : نبي وملوك على الشعوب. ويقولون إن بركة إسحاق عليهالسلام قد تحققت. فإنه أنجب يعقوب ، ومن سلالة يعقوب جاء النبي موسى عليهالسلام بالتوراة. وقد انتشر اليهود في الأرض أمما ، وحكموا وعلّموا. كما قال تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ : يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ. إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ ، وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً. وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) [سورة المائدة ، آية ٢٠] والتوراة نصت على ١ ـ بركة إبراهيم ٢ ـ وعلى بركة لإسحاق ٢ ـ وعلى بركة لإسماعيل. كما نص القرآن في قوله تعالى : (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) [سورة هود ، آية : ٧٣] وفي قوله تعالى : (وَبارَكْنا عَلَيْهِ ، وَعَلى إِسْحاقَ) [سورة الصافات ، آية : ١١٣] أي على إسماعيل الذبيح ، وإسحاق أخيه. وهذا هو نص التوراة في البركة :
١ ـ «بذاتي أقسمت يقول الرب : إني من أجل أنك فعلت هذا الأمر ، ولم تمسك ابنك وحيدك. أباركك مباركة ... ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض. من أجل أنك سمعت لقولي» [تكوين ٢٢ : ١٦ ـ ١٨] ٢ ـ «وقال الله لإبراهيم : ساراى امرأتك لا تدعوا اسمها ساراى ، بل اسمها سارة ، وأباركها وأعطيك أيضا منها ابنا. أباركها فتكون أمما. وملوك شعوب منها يكونون» [تكوين ١٧ : ١٥ ـ ١٦] ٣ ـ «وقال إبراهيم لله : ليت إسماعيل يعيش أمامك؟ فقال الله : وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه. ها أنا أباركه. وأثمره. وأكثّره كثيرا جدا. أثنى عشر رئيسا يلد وأجعله أمة كبيرة» [تكوين ١٧ : ١٨ ـ ٢٠].