على الله» ولقائل أن يقول : لعله كان مراد السارق من لفظ القضاء : إذن الله فيه وحكمه به.
د ـ وأما علي بن أبي طالب. فقالوا : القول بالعدل عنه في غاية الشهرة. وخطبه دالة عليه. فعنه أنه سأل عن [التوحيد (١)] والعدل. فقال : «التوحيد أن لا تتوهمه ، والعدل أن لا تتهمه» وهذا كلام في غاية الجلالة. والمراد من قوله : «أن لا تتهمه» أي لا تتهمه بأنه يفعل القبائح والفواحش وظلم العباد. وقال أصحابنا : المراد منه : أن الظلم من الله محال. لأن كل ما يفعله فإنه تصرف في ملك نفسه ، وليس ذلك بظلم.
ه ـ وأيضا : نقل عن علي بن أبي طالب أنه لما انصرف من صفين قام إليه شيخ من أهل الحجاز ، فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرنا إلى الشام ، أكان بقضاء الله وقدره؟ فقال : «والذي خلق الحبة وبرأ النسمة ، ما هبطنا واديا ، وما علونا تلعة (٢) إلا بقضاء الله وقدره» فقال الشيخ [عند الله (٣)] احتسب عنائي ومسيري ، والله ما احتسب لي من الأجر شيئا. فقال : أمير المؤمنين : لعلك تظن قضاء لازما ، وقدرا حتما. لو كان كذلك لبطل [الثواب (٤)] والعقاب ، وسقط الوعد والوعيد ، وما كان يأتي من الله لائحة لمذنب ، ولا محمدة لمحسن. ولا كان المحسن أولى بثواب الإحسان من المذنب ، ولا المذنب كان أولى بالعقوبة من المحسن. تلك مقالة إخوان الشياطين ، وعبدة الأوثان ، وخصماء الرحمن ، وشهود الزور ، وأهل العمى والفجور. تلك قدرية هذه الأمة ومجوسها. إن الله أمر تخييرا ، ونهى تحذيرا وكلف تيسيرا ، ولم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكروها ، ولا بعث الأنبياء عبثا ، ولا أرى عجائب الآيات باطلا (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ
__________________
(١) من (ط ، ل).
(٢) بقلة (م).
(٣) من (م ، ل).
(٤) من (ط ، ل).