وما أجابه عليهالسلام عنه ، قال : قال (١) : أخبرني عن السراج إذا انطفئ أين يذهب نوره؟ قال : يذهب فلا يعود. قال : فما أنكرت أن يكون الإنسان مثل ذلك ، إذا مات وفارق الروح البدن لم يرجع إليه أبدا ، كما لا يرجع ضوء السراج إليه أبدا إذا انطفئ. قال : لم تصب القياس ، إنّ النار في الأجسام كامنة ، والأجسام قائمة بأعيانها ، كالحجر والحديد ، فإذا ضرب أحدهما بالآخر ، سطعت (٣) من بينهما نار يقتبس (٤) منه سراج له الضوء ، فالنار ثابتة في أجسامها ، والضوء ذاهب ، والروح : جسم رقيق قد ألبس قالبا كثيفا ، وليس بمنزلة السّراج الذي ذكرت. إنّ الذي خلق في الرحم جنينا من ماء صاف وركّب فيه ضروبا مختلفة : من عروق وعصب وأسنان وشعر وعظام وغير ذلك هو (٥) يحييه بعد موته ، ويعيده بعد فنائه. قال : فأين الروح؟ قال : في بطن الأرض ، حيث مصرع البدن إلى وقت البعث. قال : فمن صلب فأين روحه؟ قال : في كفّ الملك الّذي قبضها حتّى يودعها الأرض. قال : فأخبرني عن الروح أغير الدم؟ قال : نعم ، الروح على ما وصفت لك ، مادّتها من الدم ، ومن الدم رطوبة الجسم وصفاء اللون وحسن الصوت وكثرة الضحك. فإن اجمد (٦) الدم ، فارق الروح البدن. قال : فهل توصف (٧) بخفّة وثقل ووزن؟ قال : الروح بمنزلة الريح في الزقّ ، فإذا انفخت فيه امتلأ ، الزقّ منها ، فلا يزيد في وزن الزقّ ولوجها فيه ، ولا ينقصه (٨) خروجها منه ؛ كذلك الروح ليس لها ثقل ولا وزن. قال فأخبرني ما جوهر الريح؟ قال : الريح هواء إذا تحرّك يسمّى ريحا ، وإذا (٩) سكن يسمّى هواء ، وبه قوام الدنيا ، ولو كفّت الريح ثلاثة أيّام لفسد كلّ شيء على وجه الأرض ونتن ذلك ، (١٠) ، لأنّ الريح بمنزلة المروحة ، تذبّ وتدفع الفساد عن كلّ شيء وتطيّبه ، فهي بمنزلة الروح إذا خرج عن البدن وتغير (١١) ، و (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) (٢).
قال : أفيتلاشى (١٢) الروح بعد خروجه عن قالبه أم هو باق؟ قال : بل هو باق إلى وقت
__________________
(١) الاحتجاج للطبرسيّ ٢ / ٣٤٩.
(٣) في المصدر : سقطت ...
(٤) تقتبس منها ...
(٥) وهو يحييه ...
(٦) فإذا جمد ...
(٧) يوصف ...
(٨) ولا ينقصها ...
(٩) فإذا ...
(١٠) وذلك ...
(١١) عن البدن ، نتن البدن وتغيّر ...
(١٢) أفتتلاشى.
(٢) المؤمنون / ١٤.