معنى للثمرات الّتي أخذوها لمحلّ النزاع ، فلابدّ لهم من القول بأنّها واجبة في حدّ ذاتها أيضا كما أنّها واجبة للتوصّل إلى الغير ليترتّب عليه عدم الاجتماع مع الحرام وأن يكون الخطاب به أصليّا ليترتّب العقاب عليه» انتهى.
وأنت خبير بأنّ الثمرات الّتي ذكروها ان سلّمنا عدم ترتّبها على الوجوب الغيري التبعي فليس عدم ترتّبها عليه بديهيّا ، ولو سلّم ظهوره فليس بأوضح من فساد القول بوجوبها النفسي الأصلي ، فإنّ فساد ذلك يشبه أن يكون ضروريّا ، فالإيراد عليهم بعدم ترتّب الثمرات المذكورة على وجوب المقدّمة أولى من حمل الوجوب في كلامهم على هذا المعنى السخيف الّذي لا ينبغي صدوره عن العقلاء فضلا عن أفاضل العلماء.
ثمّ إنّ ما ذكره من أنّ ترتّب العقاب عليه إنّما يتفرّع على كون الخطاب به أصليّا قد عرفت وهنه ، لوضوح أنّ العقاب إنّما يترتّب على ترك الواجبات النفسيّة ولو كانت تبعيّة على فرض ثبوتها كذلك ، كما مرّت الإشارة إليه. وأمّا الواجبات الغيريّة فلا يترتّب عليها عقوبة ولو كانت أصليّة ، كما عرفت الحال فيه ، فتفريعه استحقاق العقاب على ذلك ممّا لا وجه له كتفريعه عدم اجتماعه مع الحرام على كون الوجوب نفسيّا ، حسبما يجيء تفصيل القول فيه إن شاء الله.
ثمّ ذكر الفاضل المذكور وجها آخر لوجوب المقدّمة على القول بها ، وهو أن يكون الوجوب نفسيّا عقليّا لازما للأمر بذي المقدّمة بأن يكون هناك خطابان أصليّان للشارع : أحدهما : بلسان رسول الظاهر ، والآخر : بلسان رسول الباطن قال : «وإلى هذا ينظر استدلالهم الآتي على اثبات وجوب المقدّمة». وهذا أيضا في الوهن كسابقه.
وما ذكره من أنّ استدلالهم الآتي ناظر إلى ذلك كأنّه أراد به الاستناد إلى استحقاق الذمّ على ترك المقدّمة فإنّه ربما يوهم ذلك ولا دلالة فيه على ما ذكره أصلا كما سيأتي الإشارة إليه إن شاء الله تعالى.
وكيف يعقل تقرير النزاع فيما ادّعاه مع أنّ جمهور العلماء ذهبوا إلى الوجوب