قوله : (ونزّلوها منزلة أن يقال : افعل أبدا) القول بالتكرار يتصوّر على وجهين :
أحدهما : أن يراد به مطلق التكرار الشامل للمرّتين وما فوقهما أو خصوص المرّتين.
ثانيهما : أن يراد به التكرار على وجه الدوام ، وهو المحكيّ عن القائل بالتكرار ، حكاه السيّد والغزالي والعضدي وغيرهم ، وهو الّذي يقتضيه ملاحظة أدلّتهم.
وعلى كلّ من الوجهين فإمّا أن يكون التكرار مأخوذا في المأمور به على وجه لا يحصل الامتثال أصلا إلّا بالإتيان به مكرّرا على الوجه المفروض ، أو يكون عنوانا عن الأفعال المتكرّرة ، فيكون كلّ من تلك الأفراد واجبا مستقلّا يحصل بكلّ واحد منها امتثال الأمر ويكون الإتيان بكلّ منها واجبا ، فينحلّ التكليف المذكور إلى تكاليف عديدة. وكذا الحال في الفعل الواحد المستدام إذا لوحظ تجزئته على أبعاض الزمان.
والظاهر بناؤهم على الثاني على حسب التكرار الملحوظ في النهي ، فإنّ كل ترك للمنهيّ عنه امتثال مستقلّ من غير أن يتوقّف حصول الامتثال ببعضها.
ثمّ إنّ المنصوص به في كلام بعضهم تقييد التكرار المدلول بالصيغة بما يكون ممكنا ، ونصّ الآمدي : بأنّ المراد بالتكرار الممكن عقلا وشرعا. ولا يبعد أن يريد بالممكن العقلي ما يعمّ العادي فيما لو بلغ إلى حدّ يتعسّر الإتيان به جدّا بحيث يعدّ متعذّرا في العرف ، بل لا يبعد انصرافه إلى التكرار على النحو المتعارف ، فلا ينافي الاشتغال بالأكل المعتاد والنوم المعتاد ونحوهما.
وكيف كان : فلو زاحمه واجب آخر لم يمنع أحدهما من أداء الآخر ، بل إن كان الآخر واجبا مرّة أو مرّات معيّنة لزم تكرار المأمور به على وجه لا يزاحم الإتيان به كذلك وإن كان مطلوبا أيضا كان الحال فيهما سواء ، فيعتبر تكرارهما على نحو واحد ، لعدم الترجيح.
وكذا الحال في الأوامر المطلقة العديدة. ويمكن أن يكون ذلك ونحوه من