آخر ما ذكر ووجوب المقدّمة بأمر خارجي مستقلّ لا ربط له بالمقام ؛ مضافا إلى أنّه لا قائل بوجوب المقدّمات على إطلاقها بأوامر مستقلّة أقصى الأمر أن لا ينتهض الدليل بالنسبة إلى بعض المقدّمات ممّا ثبت وجوبه من الخارج ونهوضه بالنسبة إلى بعض كاف في إثبات المقصود.
وأمّا ثالثا : فلأنّ المدّعى ثبوت الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدّمته بحسب الواقع والدليل المذكورة قاض بثبوتها ، إذ على فرض عدم وجوبها في الواقع يكون تركها جائزا بحسب الواقع إلى آخر ما ذكر ، ولم يؤخذ في المدّعى كون إيجاب ذي المقدّمة سببا لإيجاب مقدّمته في الواقع ؛ غاية الأمر كون العلم بوجوبه سببا للعلم بوجوب الآخر سواء كانت السببية حاصلة على الوجه الأوّل أيضا أو لا.
ومنها : النقض بأنّه لو صحّ ما ذكر من الدليل لزم عدم جواز التكليف من رأس وتقرير الملازمة بوجهين :
أحدهما : أنّ كلّ فعل لم يصل إلى حدّ الوجوب أو الامتناع لم يكن موجودا ولا معدوما فهو في حال وجوده متّصف بالوجوب وفي حال عدمه بالامتناع ولا يصحّ التكليف بالفعل في شيء من الحالين لتوقّفه حسب ما ذكر في الدليل على الإمكان المنفي في الصورتين ، والقول باتّصافه بالإمكان قبل مجيء الزمان المفروض على فرض صحّته لا يثمر في المقام ، إذ المعتبر من الإمكان المعتبر في المكلّف به هو ما كان في زمان إيجاد الفعل أو تركه لا ما كان متقدّما عليه.
ثانيهما : إنّ كلّ حادث وجد في زمان أو لم يوجد فلزوم وجوبه في ذلك الزمان أو امتناعه حاصل في الأوّل ، لما تقرّر من استناد الممكنات إلى الواجب وإنّ الشيء ما لم يجب امتنع وجوده فما وجد في زمان فهو ممّا يجب في الأوّل حصوله في ذلك الزمان وما لم يوجديمتنع حصوله فيه ؛ غاية الأمر عدم علمنا بأسباب الوجوب والامتناع قبل مجيء ذلك الزمان ، وقد يحصل العلم ببعضها كما هو المفروض في المقام ، فإنّ ترك المقدّمة سبب لامتناع الإتيان بالفعل فإذا لم