يلازمها فإنّ استحالة الاجتماع هناك ذاتية وهنا بالعرض والمانعية إنّما يتمّ بالأوّل دون الأخير.
ثانيها : أنّ القول بوجوب المقدّمة لا يقضي بوجوب ترك الضدّ مطلقا وإنّما يقضي بوجوب ترك الضدّ الموصل إلى أداء الواجب ، فإنّ ما دلّ على وجوب المقدّمة إنّما يفيد وجوبها من حيث إيصالها إلى الواجب لا مطلقا ، فإذا لم يكن المكلّف مريدا لفعل الواجب لم يكن ترك الضدّ موصلا إلى الواجب فلا يكون الحكم بوجوب المقدّمة قاضيا بوجوب ذلك ، نظرا إلى انتفاء التوصّل به حينئذ إلى الواجب وإذا لم يكن حينئذ ترك الضدّ واجبا فمن أين يجيء النهي عنه؟
ويدفعه ما عرفت من أنّ ما دلّ على وجوب المقدّمة إنّما يفيد وجوبها من حيث كونها موصلة إلى الواجب لا خصوص ما هو الموصل إليه ، وقضيّة ذلك وجوب ترك الضدّ في المقام من حيث إيصاله إلى أداء الواجب بأن يجتمع مع إرادة الواجب وسائر مقدّماته ليتفرّع عليها أداء الواجب ، ولا يمنع من وجوبه مقارنته لانتفاء سائر المقدّمات ، إذ مطلوب الأمر حينئذ إيجاد الجميع وعدم إقدام المكلّف على إيجادها لا يقضي بخروج شيء منها عن الوجوب ، فعدم حصول الإيصال بها فعلا لا ينافي وجوبها من حيث حصول الإيصال بها بأن يأتي بسائر المقدّمات أيضا فيتبعه الإيصال ، فحينئذ إذا لم يأت بغيرها كان تاركا لما لم يأت بها من المقدّمات دون ما أتى به أيضا ، حسب ما يقتضيه التقرير المذكور.
ثالثها : المنع من وجوب المقدّمة مطلقا أو خصوص المقدّمة الغير السببيّة كما اختاره المصنّف رحمهالله وقد أشار إليه ب قوله : (فإنّا نمنع وجوب المقدّمة ... الخ) وجوابه ما تبيّن من ثبوت وجوب المقدّمة مطلقا وبطلان القول بنفي وجوبها على الإطلاق أو على التفصيل حسب ما مرّ القول فيه.
رابعها : أنّ المقدّمة إنّما تجب للتوصّل إلى الواجب كما يقتضيه الدليل الدالّ عليه ، وقضيّة ذلك اختصاص الوجوب بحال إمكان حصول التوصّل بها لا مطلقا ، ولا ريب أنّه مع وجود الصارف عن المأمور به وعدم الداعي إليه المستمرّين مع الأضداد الخاصّة لا يمكن التوصّل بها فلا وجوب لها.