خامسها : أنّ حجّة القول بوجوب المقدّمة على تقدير تسليمها إنّما ينهض دليلا على الوجوب عند التأمّل فيها حال كون المكلّف مريدا للفعل المتوقّف عليها دون ما إذا لم يكن مريدا له ، كما هو الحال عند اشتغاله بفعل الضدّ وهذان الوجهان يأتي الإشارة إليهما في كلام المصنّف في آخر المسألة ، ويأتي الإشارة إلى ما يزيّفهما.
قوله : (وهو محرّم قطعا).
لما عرفت من الاتّفاق على دلالة الأمر بالشيء على النهي عن ضدّه العامّ بمعنى الترك وإن وقع الكلام في كيفيّة تلك الدلالة حسب ما مرّ.
قوله : (لأنّ مستلزم المحرّم محرّم).
هذا إمّا مبنيّ على ما مرّ من وجوب المقدّمة السببيّة ، فكما يكون السبب الواجب واجبا فكذا يكون سبب المحرّم محرّما لاتّحاد المناط فيهما ، وهذا هو الّذي بنى عليه المصنّف رحمهالله في الجواب. أو مبنيّ على ثبوت تحريم الأسباب المفضية إلى الحرام ، إمّا من تتبّع موارد حكم الشرع بحيث يعلم بناء الشرع على تحريم تلك الأسباب ، أو لدعوى الإجماع على ذلك بالخصوص ، فلا ربط له إذا بالقول بوجوب المقدّمة.
قوله : (فإنّ العقل يستبعد).
قد عرفت : أنّ مجرّد استبعاد العقل لا ينهض حجّة شرعيّة على إثبات الحكم في الشريعة فالاستناد إليه في المقام ممّا لا وجه له أصلا.
ثمّ إن المراد بالعلّة في المقام هو المقتضي لحصول الحرام إذا صادف اجتماع الشرائط ، ولا يريد به خصوص العلّة التامّة لخروجه عن المصطلح ، كيف ولو أراد به ذلك لزمه القول بوجوب الشروط ، فإنّها من أجزاء العلّة التامّة ، ومن البيّن : أنّ تحريم الكلّ يستدعي تحريم أجزائه ، ولا يقول المصنّف رحمهالله به ، ويمكن أن يريد به الجزء الأخير من العلّة التامّة ، فإنّه الّذي يتفرّع عليه حصول الحرام ، فما يقال : من أنّ ما ذكره إنّما يوجّه إذا كان علّة تامّة للّازم ليس على ما ينبغي ، والمراد بتحريمه