وقد يدفع ذلك : بأنّ الإرادة الداعية إلى الضدّ شرط في إيجاده ، وليس سببا لحصوله، كما سيشير المصنّف رحمهالله إليه ، فكونها علّة لترك الفعل لا يقضي باشتراك الأمرين في السبب.
ويمكن أن يقال : إنّ الإرادة الجازمة وإن كان شرطا في تحقّق الفعل إلّا أنّه جزء أخير للعلّة التامّة ، فيكون في معنى السبب ، بل قد يفسّر السبب في كلام المصنّف بالجزء الأخير للعلّة التامّة ، على أنّه قد يقال بأنّ السبب في المقام ليس مخصوصا بالأسباب العقليّة ، بل يعمّ العاديّة أيضا ، والإرادة الجازمة المسمّاة بالإجماع تعدّ عادة سببا لحصول الفعل ، فتأمّل.
قوله : (نعم ، هو مع إرادة الضدّ ... الخ).
أورد عليه الفاضل المحشّي : بأنّه لا توقّف للضدّ على وجود الصارف المذكور أصلا ، وإنّما هو المقارنة من الجانبين بلا توقّف في البين.
وهذا الكلام مبنيّ على ما اختاره سابقا من عدم توقّف وجود أحد الضدّين على ارتفاع الآخر ، وإنّما يكون بينهما مجرّد المقارنة حسب ما مرّ تفصيل القول فيه ، وقد بيّنّا هناك وهن ذلك ، وأنّ حصول التوقّف في المقام ممّا لا مجال للريب فيه ، فيكون ما ذكره هنا فاسدا أيضا.
قوله : (فلا حكم فيهما بواسطة ما هما مقدّمة).
أورد عليه الفاضل المحشّي : بأنّ تسليم وجود السبب بمعنى العلّة التامّة يستلزم وجوب كلّ جزء من أجزائه ، إذ جزء الواجب واجب اتّفاقا ، فلا يتصوّر بعد تسليم وجوب السبب منع وجوب كلّ واحد ممّا ذكر مع كونهما جزءين للعلّة ، فلعلّ المراد بالسبب هنا وفي بحث مقدّمة الواجب : هو الجزء الأخير من العلّة التامّة الّذي هو علّة قريبة للفعل.
قلت : قد مرّ تفصيل الكلام في المراد بالسبب في المقام في بحث المقدّمة ، فلا حاجة إلى إعادة الكلام فيه. وما ذكره من وجوب الأجزاء قطعا عند وجوب الكلّ غير متّجه ، كما عرفت الحال فيه في بحث المقدّمة ، وقد بيّنّا هناك : أنّ الكلام في