فيكون الإيراد المذكور مبنيّا على القول بجواز الاجتماع ، فلا وجه لإيراده ممّن لا يقول بالجواز ، وحينئذ فالوجه في صحّة التكليف بالموسّع منحصر فيما ذكرناه من اعتبار الترتيب، وعليه فلا فرق بين الموسّع وغيره كما بيّنّا.
رابعها : ما ذكره الفاضل الجواد من : أنّ الظاهر أنّ القائل بأنّ الأمر بالشيء لا يستلزم النهي عن الضدّ الخاصّ يجوّز صحّة ذلك الضدّ لو أوقعه المكلّف ، فهو لا يسلّم عدم الأمر بالضدّ ، بل يذهب إلى تعلّق الأمر به ليتمّ حكمه بالصحّة ، وعلى هذا فلا وجه لأقربية ما ذكره.
وفيه : أنّ مقصوده رحمهالله سهولة الخطب في الاستدلال على العنوان الّذي ذكره ، لا عدم ذهاب القائل بنفي الدلالة على عدم ثبوت الأمر ، فمجرّد قوله به لا يفيد قوّة ما ذهب إليه ، والمراد : أنّ إثبات نفيه الأمر بالضدّ أسهل من إثبات دلالته على النهي عن الضدّ ، وهو أمر ظاهر لا مجال لإنكاره ، فالتعبير بالعنوان المذكور أولى ممّا عبّروا به بعد الاشتراك في الثمرة المطلوبة.
خامسها : ما أورده عليه صاحب الوافية ، وله كلام طويل في ذلك ، ملخّصه : أنّ الواجب إمّا موسّع أو مضيّق ، وعلى كلّ حال فإمّا موقّت أو غير موقّت. فما ذكره من اقتضاء الأمر بالشيء عدم الأمر بضدّه لا يتمّ في الموسّع مطلقا ، إذ لا يتوهّم فيهما تكليف بالمحال. وكذا في الموسّع والمضيّق مطلقا ، إذ لا قاضي بخروج وقت المضيّق عن كونه وقتا للموسّع أيضا ، غاية الأمر عصيان المكلّف بترك المضيّق حينئذ ، ولا يستلزم ذلك بطلان الموسّع الواقع فيه.
وأمّا المضيّقان الموقّتان فما ذكره حقّ فيهما ، إلّا أنّه لم يرد في الشريعة شيء من ذلك القبيل إلّا ما تضيّق بسبب تأخير المكلّف ، وحينئذ لا يمكن الاستدلال ببطلان أحدهما من جهة الأمر بالآخر ، ولا يتفاوت الحال من جهة كون أحدهما أهمّ ، بل الحقّ التخيير وتحقّق الإثم بسبب ترك ما يختار حينئذ تركه إن كان التأخير للتقصير.
بل لا يبعد القول بوجوب كلّ منهما في هذا الوقت على سبيل التخيير ، وبين