أيضا إلّا خصوص كلّ واحد منها على وجه التخيير ، وإنّما اخذ مفهوم الواحد هناك مرآة لملاحظة كلّ واحد منها ، والحكم إنّما يتعلّق بكلّ من تلك الخصوصيّات دون المفهوم المذكور، كما لو تعلّق صريح الأمر بكلّ منها على سبيل التخيير ، من غير فرق بين مفاد التعبيرين المذكورين أصلا ، فيكون الوجوب التعييني المتعلّق بمفهوم أحدها على الوجه المذكور تابعا لما ذكر من وجوب كلّ منها بخصوصه على سبيل التخيير.
وتفصيل المقام : أنّ كلّا من الوجوب التعييني والتخييري : إمّا أن يكون أصليّا ، أو تبعيّا ، فالوجوه أربعة ، والأمر في الوجوب التعييني الأصلي ظاهر كالوجوب التخييري الأصلي ، كخصال الكفّارة. وأمّا الوجوب التعييني التبعي ـ فكمطلوبيّة أحد تلك الخصال على سبيل التعيين ـ فإنّه تابع لتعلّق الخطاب بتلك الأفعال على سبيل التخيير والوجوب التخييري التبعي ، كوجوب الإتيان بأفراد الطبيعة على سبيل التخيير عند تعلّق الأمر بها.
فكلّ واجب تخييري أصلي يلزمه وجوب تعييني تبعي. كما أنّ كلّ واجب تعييني أصلي يلزمه وجوب تخييري تبعي إذا تعلّق الوجوب بطبيعة كلّيّة ، لا بأن يكون هناك تكليفان مستقلّان يكون أحدهما عينيّا والآخر تخييريّا. إنّما الحاصل في المقام تكليف واحد يختلف الحال فيه بحسب الاعتبارين المذكورين ، فهما اعتباران حاصلان بإيجاب واحد يتعلّق بأحدهما على سبيل الأصالة ، ويتبعه صدق الآخر من غير أن يقوم به فرد آخر من الوجوب ، كما هو الحال في الوجوب التبعي الحاصل للأجزاء بالوجوب المتعلّق بالكلّ ، فإنّ هناك وجوبا واحدا يتعلّق أصالة بالكلّ ، وتبعا بالأجزاء ، فهي واجبة بوجوب الكلّ ، وإن ثبت هناك وجوب آخر للأجزاء من جهة اخرى حسب ما مرّت الإشارة إليه في مقدّمة الواجب ، وذلك نظير ما تقرّر في الدلالة المطابقيّة والتضمّنية ، فإنّ هناك دلالة واحدة لها اعتباران ، يعدّ بالنسبة إلى أحدهما مطابقة ، وبالنسبة إلى الآخر تضمّنا ، فأحد ذينك الاعتبارين تابع للآخر ؛ من غير أن يكون هناك دلالتان متعدّدتان