الاختلاف : أنّ حكم الكفائي بالاتّفاق من الكلّ عصيان الجميع بالترك ، وأداء الواجب وسقوطه بفعل البعض.
فالأوّل قاض بوجوبه على الجميع ، وإلّا لما عصى الكلّ بالترك.
والثاني قاض بوجوبه على البعض وجواز تركه من الباقين في الجملة ، وإلّا لما أدّى بفعل البعض ، والمنقول فيه أقوال ثلاثة :
أحدها : أنّ الوجوب فيه متعلّق بالجميع ، ويسقط من الباقين بفعل البعض ، وهو المحكيّ عن أصحابنا ، وقد نصّ عليه جماعة منهم ، وفي غاية المأمول : أنّه المشهور وعليه أصحابنا وأكثر العامّة.
ثمّ إنّ ظاهر ما يتراءى من ذلك بل المحكيّ عنهم في ذلك : أنّه يجب على الجميع على نحو الوجوب العيني ، ويسقط الوجوب عنهم بفعل البعض ، قيل : كما أنّ طروء الحيض من مسقطات الصلاة عن الحائض فالّذي يوهمه ذلك وكلام جماعة منهم كون سقوط الوجوب حينئذ عن الباقين من جهة انتفاء الموضوع حينئذ بفعل البعض. والذي يتقوّى في النظر ويحتمل أن يكون مراد الجماعة كما هو الظاهر من بعضهم : أنّه يجب على الجميع على وجه يقتضي أداء ذلك الواجب بفعل البعض ، فسقوطه عن الباقين إنّما هو بأداء الواجب ، لا بعروض المسقط له ، فليس من قبيل سقوط وجوب أداء الدين بأداء الغير له على وجه التبرّع أو إبراء الغريم إيّاه ، حيث لا يبقى معه موضوع للدين حتّى يجب أداؤه ، بل إنّما يسقط بحصول عين الواجب كسقوط سائر الواجبات العينيّة بأدائها ، ولا يكون أداء الواجب حينئذ إلّا من المباشر له حيث إنّه القائم به دون غيره.
ثانيها : تعلّق الوجوب فيه بالبعض ممّن يكتفي به في أداء الفعل ، نظير ما ذكر في الواجب المخيّر من تعلّق الوجوب بأحد الأفعال ، غير أنّ الإبهام هناك في المكلّف به ، وهنا في المكلّف ، وهو محكيّ عن جماعة من العامّة ، كالرازي والبيضاوي ، وعزي إلى الشافعيّة ، ولم ينسب ذلك إلى أحد من الخاصّة ، بل أكثر العامّة على ما ذكر على خلافه. فإن اريد بذلك كون المكلّف هو البعض المبهم الغير