وأنت خبير بأنّ من الظاهر عدم وجوب الفعل على المجموع بحيث يكون المطلوب حصول ذلك الفعل من المجموع من حيث هو ، وكذا عدم وجوبه على المجموع بأن يراد صدور الفعل الواحد من المجموع ، لعدم الاكتفاء إذا بفعل البعض ، ووجوب تلبّس المجموع بذلك الفعل إمّا بالتكرير كما في الأوّل ، أو التقسيط كما في الثاني ، فإذا أراد من وجوبه على المجموع أن يجب على المجموع صدور الفعل من البعض فهو غير معقول ، إذ لا معنى لوجوب الفعل الصادر من الغير على آخر.
وإن أراد به وجوب صدور الفعل على تلك الجماعة في الجملة بحيث يحصل أداؤه من أيّ واحد منهم فليس مفاده إلّا وجوب الفعل على الجميع على سبيل البدليّة ، كما هو الحقّ في تفسير القول الأوّل ، بل هو مرجع للقول الثاني كما عرفت ، فيكون مرجع الأقوال الثلاثة إلى شيء واحد ويعود الخلاف بينها لفظيّا.
هذا ، وقد حكي عن بعض المتأخّرين : أنّ الواجب الكفائي واجب مطلق على البعض الغير المعيّن ، وواجب مشروط على كلّ بعض منهم ، بمعنى أنّه يجب على كلّ بعض بشرط عدم قيام الباقين به. وقد اختاره بعض المعاصرين ، زاعما أنّ كلّ واجب كفائي يشتمل على واجب مطلق ومشروط ، فالأوّل متعلّق بالبعض الغير المعيّن ، والثاني بالجميع.
وظاهر كلامه في تفسير البعض الغير المعيّن أنّه البعض اللابشرط الصادق على كلّ بعض ، فيكون وجوبه على كلّ بعض من جهة انطباق اللابشرط عليه ، فالخصوصيّة المتعيّنة غير ملحوظة في المقام ، وإنّما يتعلّق الوجوب بالكلّي اللابشرط الصادق عليه المتعيّن به.
وحكي في المقام عن بعض المتأخّرين : أنّ كلّ واجب كفائي يستلزم واجبا عينيّا مشروطا يدلّ عليه الأمر بالكفائي بالالتزام ، وهو هذا الفعل بشرط عدم قيام غيره به ، فالواجب الكفائي واجب مطلق على بعض غير معيّن ، والواجب المشروط يجب على جميع الأفراد ، فإذا لم يقم أحد منهم به عوقب الكلّ بالترك