نعم ، قد يتوهّم على القول بتعلّق التكليف بالمجموع إن لم يفسّر بما يرجع إلى المختار توزيع العقاب حينئذ على الجميع ، وليس كذلك ، إذ ليس الواجب عليهم عند القائل المذكور توزيع العمل على الجميع حتّى يترتّب عليه توزيع العقاب عليهم ، فهو أيضا يقول بتحقّق العصيان بالنسبة إلى كلّ منهم.
وكذا لا ريب في سقوط التكليف عن الجميع بفعل البعض ، وكذا عدم استحقاق غير الفاعل للثواب وإن كان سقوط الواجب عن الباقين بأدائه ، وذلك لحصول الأداء من غيره فلا داعي لاستحقاقه الثواب بفعل غيره ، وإنّما يقع الكلام في المقام في امور :
الأوّل : أنّه هل يجوز للجميع التلبّس بالفعل؟ فإن قلنا بوجوب الفعل على الجميع على نحو سائر الواجبات إلّا أنّه يسقط عن الباقين بعد أداء البعض فلا ينبغي الريب في الجواز ، بل ووجوبه عليهم قبل حصول الفعل من البعض.
وإن قلنا بوجوبه على الكلّ بدلا ـ كما هو المختار ـ فقد يشكل ذلك ، نظرا إلى أنّ الواجب فعل واحد ، فالإتيان بما يزيد عليه ممّا لا دليل على شرعيّته. وفيه منع ظاهر ، لتعلّق الأمر في الكفائي بمطلق الطبيعة كغيره من الواجبات ، فالقول بأنّ الواجب هو المرّة ممّا لا وجه له.
نعم ، لو قام الدليل على كون المطلوب هو الفعل الواحد كتغسيل الميّت ، حيث إنّ المطلوب هناك غسل واحد لا أزيد لم يشرع التلبّس بأغسال عديدة ، وإنّما يشرع الإتيان بفعل واحد منها وإن وجب ذلك على الكلّ ، ولا مانع من تعدّد المباشر مع اتّحاد الفعل ، لما عرفت من كون وجوبه عليهم على سبيل البدل.
وكذا الحال في الفعل المحرّم إذا صار واجبا كفائيّا لأجل التقيّة أو غيرها ، إذ لا يجوز الإتيان إلّا بواحد مع اندفاع الضرورة وإن وجب الإتيان به كذلك على الجميع ، وهذا بخلاف ما لو كان المطلوب مطلق الطبيعة وإن لزمه اتّصاف الواحد بالوجوب وأداء الواجب ، ولذا لا يتعيّن على الجميع التلبّس فإنّ ذلك لا ينافي اتّصاف الجميع بالوجوب لو أتى به دفعة ، نظرا إلى حصول الطبيعة به أيضا.