قاضيا بترتّب الثاني عليه ، ألا ترى أنّ قولك : «إن جاءك زيد فأكرمه» و «إن ضربك فاشتمه» و «إن قاتلك فاقتله» و «إن أعانك فأعنه» و «إن زارك فزره» إلى غير ذلك من الأمثلة إنّما يفيد ترتّب الثاني على الأوّل وتسببّه عنه ، ألا ترى أنّه نصّ المنطقيّون بأنّ وضع المقدّم ينتج وضع التالي ورفع التالي ينتج رفع المقدّم ، إذ وجود العلّة يستلزم وجود المعلول ورفع المعلول يستلزم ارتفاع علّته من دون العكس في المقامين ، إذ قد يخلف العلّة علّة اخرى فإذا كان المعلّق عليه علّة لحصول المعلّق قضى تكرّره بتكرّره ، قضاء لحقّ العلّيّة.
وحينئذ يمكن تقرير هذا الاحتجاج لإثبات الوضع الهيئي ، ليكون الهيئة المفروضة حقيقة في ذلك ، لدعوى أنّه المتبادر منه عند الإطلاق وإن يقرّر لأجل الحمل عليه مع الإطلاق ؛ مع كون وضعه للأعمّ ، نظرا إلى الغلبة المدعاة القاضية بظهوره فيه حين الإطلاق ، فكان الثاني أوضح في المقام ، إذ دعوى الوضع في المقام لا يخلو عن البعد.
وكيف كان فيدفعه : أنّه لو سلّم الغلبة المدعاة وبلوغها إلى حيث يقضى بفهم ذلك حال الإطلاق فالمفهوم منه إنّما هو التسبيب في الجملة ، يعني : أنّ وجود الشرط في الجملة علّة لحصول الجزاء ، وقضيّة ذلك أنّ تحقّق الشرط أوّلا قاض بتفرّع الجزاء عليه فحصوله مرّة علّة لحصول الجزاء ، ولا يفيد ذلك كون كلّ حصول من حصولاته علّة لحصوله مطلقا ، فإنّ ذلك ممّا لا يستفاد من مجرّد التعليق أصلا ولا غلبة له في الاستعمالات ولا يوافقه فهم العرف قط حسب ما عرفت.
نعم لو قام دليل من الخارج على كون الشرط علّة مطلقة لترتّب الجزاء تكرّر على حسب تكرّره كما ذكرنا ، كما هو الحال في الأخبار الواردة في ثواب الأعمال والعقوبات المتفرّعة عليها ، وما يذكر في المواعظ ونحوها وما ذكر من كلام المنطقيّين إنّما أرادوا به ما ذكرناه من دون أن يدّعوا إفادته كون الأوّل علّة للثاني مطلقا كيف وقد صرّحوا بأنّ «ان» و «إذا» من أدوات الإهمال؟ فلا تفيد كليّة ثبوت الجزاء عند تحقّق الشرط ، ولو أفاد كونه علّة له مطلقا لأفاد ذلك قطعا ،