أصالة صحّة فعل المسلم ليحكم بالسقوط بمجرّد فعله وإن فعله لم يعلم أداؤه على الوجه المقرّر ، أو أنّه يشترط العلم بصحّته؟ المتّجه هو الأوّل ، لعدم إمكان العلم بالصحّة الواقعيّة في الغالب ، وجريان السيرة القاطعة بالحكم بالسقوط عند إتيان الغير به حملا لفعله على الصحيح ، كما هو مقتضى الأصل.
وهل يعتبر الظنّ بالصحّة ، أو يكتفي بمجرّد احتمالها ولو كان بعيدا ، أو يعتبر عدم الظنّ بالفساد؟ وجوه ، أقواها الثاني ، إذ أصالة حمل فعل المسلم على الصحّة مبنيّة على التعبّد ولا يدور مدار الظنّ ، فلابدّ من الحكم بمقتضاها ، ومعه لا وجه لعدم الحكم بالسقوط عن الباقين. والظاهر جريان السيرة عليه أيضا مضافا إلى لزوم الحرج لولاه.
والقول بأنّ القدر الثابت من السقوط بالإجماع إنّما هو مع حصول الظنّ بالصحّة ، فمع عدمه لابدّ من البناء على حكم الأصل من عدم سقوطه مدفوع بما عرفت. وقد يقال بأنّ الأصل المذكور معارض بأصالة عدم تعلّق الوجوب به فيما لو علم بالواقعة بعد قيام ذلك البعض به ، ولا قائل بالفصل بين الصورتين ، فيتساقطان.
وفيه : أنّ قضيّة اليقين بالاشتغال هو الحكم بمقتضاه بعد حصوله وعدم حصول اليقين بالبراءة منه ، وقضيّة أصالة البراءة هو الحكم بها في صورة عدم ثبوت الاشتغال شرعا ، فلابدّ من الأخذ بمقتضى كلّ من الأصلين في محلّه ، وقيام الإجماع على عدم الفصل بين الأمرين بحسب الواقع لا ينافي الأخذ بالتفصيل في مقام العمل ، عملا بمقتضى الأصل في كلّ من الصورتين ، فالّذي يقتضيه الأصل هو البناء على التفصيل ، إلّا أنّك قد عرفت قيام الدليل على السقوط مطلقا.
السابع : لا فرق في الحكم بالسقوط بفعل البعض بين كونه عدلا أو فاسقا ، لما عرفت من أصالة حمل فعل المسلم على الصحّة مطلقا ، لا خصوص العدل ، وعدم اعتبار الظنّ بالصحّة ، بل ولا عدم الظنّ بالفساد ، على أنّه قد يحصل الظنّ بالصحّة في الفاسق أيضا ، وقد حكي الشهرة عليه ، بل لم يظهر فيه خلاف ، سوى أنّه