عند أحدهما تغسيل الميّت وعند الآخر تيمّمه فأتى الآخر بالتيمّم ، وقضيّة الأصل في ذلك عدم السقوط. ومجرّد كون ما يأتي أحدهما به أداء لما هو الواجب شرعا لا يقضي بسقوط ما هو الواجب عليه مع عدم أداء الآخر له رأسا ، وأمّا لو حكم أحدهما بنفي الوجوب رأسا والآخر بوجوبه عليه فلا تأمّل في عدم سقوطه عمّن يعتقد الاشتغال به ، وكون ترك الآخر له من الجهة المذكورة لا يقضي بقيام ذلك مقام فعله.
غاية الأمر حينئذ عدم تعلّق الوجوب بالآخر في الظاهر ، لأداء اجتهاده أو اجتهاد من يقلّده إلى ذلك ، وهو لا ينافي اشتغال الآخر به وهو ظاهر ، ولو كان ما يأتي به المجتهد الآخر خطأ في اعتقاد الآخر ـ كما إذا كان مخالفا للدليل القاطع في نظره كالإجماع ـ فلا عبرة بعمله وعمل مقلّده بالنسبة إليه ، بل يحكم بفساده ، وإن كان معذورا في ذلك فلا يحكم بسقوطه من المجتهد الثاني ومقلّديه ، حسب ما فصّل القول في ذلك في مباحث الاجتهاد والتقليد.
ولو قلّد في العمل غير المجتهد فإن لم يكن موافقا للواقع لم يحكم بصحّته ، ولو كان مع اعتقاده اجتهاد المفتي ولو بعد بذل وسعه فيه في وجه قويّ ، وإن وافق الواقع في اعتقاده فإن لم يكن عبادة حكم بالسقوط مطلقا ، وإن كان عبادة فإن كان مع بذل وسعه في كونه مجتهدا أو كان غافلا قاصرا فالظاهر الصحّة والسقوط ، وإن كان مقصّرا لم يحكم بصحّته ، كما هو الحال في عبادات العوامّ على ما سيأتي الكلام فيه. وإن شكّ في تقليده المجتهد وعدمه بنى على السقوط وأصالة الصحّة ، وكذا لو شكّ في كون من يقلّده مجتهدا لأصالة الصحّة.
ولو علم عدم تقليده المجتهد الجامع لشرائط الفتوى لكن شكّ في كونه غافلا قاصرا أو مقصّرا مع مطابقة العمل لفتوى الآخر ، أو شكّ في كون ما أتى به موافقا للواقع على حسب معتقده فهل يحكم بصحّة العبادة وسقوط الواجب عن الباقين؟ إشكال من أصالة الصحّة والعلم بعدم وقوع الفعل على الوجه المقرّر في الشريعة وجريان أصالة الصحّة في مثل ذلك والحكم بوقوع الصحيح على سبيل الاتّفاق أو من جهة الغفلة محلّ تأمّل.