رحى المجد الأثيل ، ومحيط دائرة الفعل الجميل ، منبع العدل ، وسبّاق غايات الفضل ، ملاذ الشيعة ، وموضح أحكام الشريعة ، كاشف أسرار الآثار وابن بجدتها ، ومبدع أبكار الأفكار وأبو عذرتها ، الزكي الذكي ، والتقي النقي ، والمهذّب الصفي ، والحبر الألمعي ، مولاي وعمادي ، وخالي واستاذي ، الشيخ محمّد تقي ـ أسكنه الله فراديس الجنان ، وأفاض على تربته السنيّة شآبيب الرحمة والغفران بها ـ إنّ هذا الكتاب العزيز السنيّ ، بل الدرّ البهيّ والنور الجليّ ، كأنّه كوكب درّي ، كتاب لو أنّ الليل يرمى بمثله لقلت : بدا من حجرتيه ذكاء من أجلّ الكتب وأعلاها ، وأنفسها وأغلاها ، قد تضمّن مطالب شريفة ومباحث لطيفة لم يتنبّه لها أحد من علمائنا المتبحّرين من المتقدّمين والمتأخّرين ، واشتمل على تنبيهات فائقة ، وإشارات رائقة ، خلت عنها كتب السابقين وزبر السالفين واحتوى من التحقيقات الرشيقة والتدقيقات الأنيقة ما لم يسمح بها خواطر اولي الأفكار العميقة ، ولم يعثر عليها بصائر ذوي الأنظار الدقيقة.
لله درّ صحيفة تهدي الورى |
|
سبل الهدى ومسالك الإرشاد |
لو شاهدت صحف الفضائل فضلها |
|
شهدت به في محضر الأشهاد |
كالماء صفوا غير انّ وراءها |
|
نارا تذيب جوانح الحسّاد |
ذرفت بأمطار الفضائل بعد ما |
|
شرفت برشح أنامل الاستاد |
ولعمري أنّه لحريّ بأن يوضع فوق العينين ، ويقام مقام النيّرين ، ويناط على قمم البدور ويعلّق على ترائب الحور. فجزاه الله عن العلم وأهله خيرا ، وأعطاه بكلّ حرف منه يوم القيامة نورا.
ثمّ إنّ هذا المصنّف الشريف والمؤلّف المنيف ـ على ما هو عليه من علوّ الشأن وسموّ المحلّ والمكان ـ قد طرأه القصور لأمرين ، وتطرّق إليه الخلل من وجهين :
أحدهما : خلوّه عن جملة من المباحث ونقصانه جملة اخرى ممّا اشتمل عليه من المسائل ، والسبب فيه أنّ الّذي برز في حياة المصنّف ـ طاب مراقده ـ من هذا التأليف وأفرغه في قالب التنضيد والترصيف وكان هو الّذي باشر جمعه وترتيبه