بالاخرى في الجملة الّذي هو مفاد أدوات الشرط ، غاية الأمر عدم دلالتها على التوقّف والإناطة ، وليس ذلك ممّا وضع له بخصوصه ، بل إنّما يستظهر ذلك منه حين الإطلاق على الوجه الّذي قرّرناه ، فإذا قامت قرينة على خلافه لزم الخروج عن مقتضى الظهور المذكور. وهذا الوجه غير بعيد بعد إمعان النظر في ملاحظة الاستعمالات العرفيّة ، وظاهر المصنّف التزام التجوّز على ما يستفاد من ملاحظة دليله المذكور ، وهذا هو المتعيّن لو قيل بكون الدلالة على المفهوم تضمّنية ، لكونه استعمالا للّفظ الموضوع للكلّ في الجزء ، كما أنّه يتعيّن البناء على الحقيقة لو قلنا بكون الدلالة عقليّة ، حسب ما مرّ.
رابعها : المعروف بينهم عموم الحكم في المفهوم بمعنى انتفاء الحكم على جميع صور انتفاء الشرط ، ولا يظهر فيه خلاف بينهم سوى ما ذكره العلّامة رحمهالله في المختلف في دفع احتجاج الشيخ للمنع من سؤر ما لا يؤكل لحمه بقوله عليهالسلام : «كلّ ما يؤكل لحمه يتوضّأ من سؤره ويشرب» (١) حيث قال : إنّه يكفي في صدق المفهوم مخالفة المسكوت عنه للمنطوق في الحكم الثابت فيه ، وحينئذ لا تدلّ الرواية على أنّ كلّ ما لا يؤكل لحمه لا يتوضّأ من سؤره ولا يشرب ، بل جاز اقتسامه إلى قسمين :
أحدهما يجوز الوضوء به والشرب منه ، والآخر لا يجوز ، فإنّ الانقسام إلى القسمين حكم مخالف للمنطوق.
ثمّ أورد على ذلك : بأنّه إذا تساوى أحد قسمي المسكوت عنه والمنطوق في الحكم انتفت دلالة المفهوم ، والمفروض البناء على دلالته.
وأجاب عنه بالمنع من انتفاء الدلالة لحصول التنافي بين المنطوق والمفهوم بما ذكر ، وهو كاف في المخالفة ، وهو كما ترى صريح في البناء على عدم العموم في المفهوم ، وكلامه المذكور وإن كان بالنسبة إلى مفهوم الوصف إلّا أنّه بعينه جار في مفهوم الشرط أيضا.
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٨٠ ص ٧٣.