وأمّا على القول بكون المفهوم مدلولا تضمّنيا أو التزاميّا باللزوم البيّن لما وضع اللفظ له فلا بدّ من التزام التجوّز ، ويجعل ذلك حينئذ قرينة صارفة عن الحقيقة كما نصّ عليه بعض هؤلاء ، فتأمّل.
ثالثها (١) : قد عرفت أنّ المختار كون دلالة التعليق المذكور على انتفاء الجزاء بانتفاء الشرط من قبيل دلالة الالتزام ، فلو قام دليل على عدم إرادة المفهوم وأنّ التعليق إنّما حصل لفائدة اخرى فهل هناك تجوّز في اللفظ نظرا إلى دلالة انتفاء اللازم على انتفاء الملزوم فلا يكون اللفظ حينئذ مستعملا فيما وضع له ، أو لا تجوّز في اللفظ نظرا إلى أنّ ذلك أمر خارج عن موضوع اللفظ ، فعدم إرادته في المقام لا يقضي بالخروج عن مقتضي الوضع؟ وجهان.
وأنت خبير بأنّ الوجه الثاني إنّما يتمّ إذا كان اللزوم في المقام عرفيّا لا عقليّا ، إذ يصحّ القول حينئذ بتخلف اللازم لقيام دليل عليه. وأمّا إذا كان اللزوم عقليّا ـ حسب ما عرفت ـ فلا يصحّ ذلك ، لامتناع الانفكاك حينئذ ، فيكون عدم حصول اللازم إذا دليلا على عدم إرادة الملزوم ، فيلزم الخروج عن مقتضى المنطوق القاضي بالتجوّز في اللفظ حسب ما ذكر في الوجه الأوّل.
نعم ، يمكن أن يقال : إنّ مفاد التعليق على الشرط هو ربط الجزاء بالشرط ، وهو ظاهر في توقّفه عليه وإناطته به ، واللازم من ذلك عقلا هو الانتفاء بالانتفاء ، إلّا أنّ دلالة التعليق على التوقّف المذكور ليس بالوضع ، بل من جهة ظهور التعلّق فيه بحسب العرف ، كما مرّ نظيره من انصراف الطلب إلى الوجوب ، فإذا قام دليل على عدم ثبوت المفهوم ظهر عدم كون التعليق هناك لإفادة التوقّف ، بل لأمر آخر ، كما في قولك : إن ضربك أبوك فلا تؤذه ، و : أكرم زيدا إن أكرمك وإن أهانك ، وكذا الحال في فروض الفقهاء في كتب الفقه ، حيث يراد به مجرّد الفرض والتقدير إلى غير ذلك ، ولا تجوّز حينئذ في شيء منها ، لحصول التعليق وربط إحدى الجملتين
__________________
(١) أي ثالث الامور.