قلت : ما ذكره من التشكيك في حجّية الظنّ المفروض على فرض حصوله فلا ريب في وهنه ، إذ ليس الظنّ المفروض ظنّا عقليّا خارجيّا ، بل من قبيل القرينة المنضمّة إلى اللفظ المبيّنة للمراد ، ولا ريب في الاكتفاء بالقرائن الظنّية ، إذ لم يعتبر أحد في القرينة أن تكون مفيدة للعلم ، ومن الظاهر جريان المخاطبات العرفيّة في ذلك على الظواهر والامور المفيدة للظنّ ، كما لا يخفى.
ولو سلّم اعتبار العلم في القرائن العقليّة المنضمّة إلى الألفاظ الكاشفة عن المراد بها فلا يجري ذلك بالنسبة إلى الغلبة المدّعاة ، لوضوح جريان المخاطبات على الرجوع إلى الغالب في حمل الألفاظ ، حتّى أنّه قد يرجّح المجاز المشهور على الحقيقة ، لقوّة الشهرة حسب ما مرّ بيانه. ومن هنا يظهر المناقشة في عدّ الوجه المذكور من الأدلّة العقليّة ، لرجوعه إذا إلى القرينة العرفيّة.
ثمّ إنّه يبقى الكلام في كون الغلبة المدّعاة في المقام بالغة إلى حدّ يورث الظنّ لو قطع النظر عن سائر الوجوه المفيدة لذلك وهو في حيّز المنع ، وعلى فرض كونها كذلك فلا منافاة فيها لما بيّنّاه ، بل هي مؤيّدة لحملها على ما قلناه ، ولا يمنع ذلك من الرجوع إلى التبادر كما هو الشأن في غيره من الموارد ، لإمكان قطع النظر عن ملاحظة الغلبة.
والرجوع إلى التبادر والمنع من حصول الفهم في المقام مع قطع النظر عن ملاحظة ما ذكر مدفوع بما بيّنّاه من الدليل.
والوجهان المذكوران لعدم إفادة اللفظ ذلك مدفوعان.
أمّا الأوّل فبما بيّنّاه من التبادر وغيره.
وأمّا الثاني فبالمنع من كون مجرّد وجود فائدة اخرى باعثا على الصرف من ذلك. نعم، لو ظهر أنّ هناك فائدة اخرى ملحوظة للمتكلّم قضى ذلك بصرفه عنه ، وهو ظاهر بناء على ما استظهره من انصراف التعليق إلى ذلك لكونه أظهر فيه ، فإذا قامت القرينة على ملاحظة فائدة اخرى في التعليق تعيّن له ، ولم يقدح ما يزيد عليه من دون لزوم تجوّز ، كما سيجيء بيانه إن شاء الله.