الانتفاء ، وأمّا إذا لم يكن هناك فائدة اخرى في الظاهر وإن قام احتمال فوائد عديدة فالظاهر كون الفائدة هو التخصيص ، فالمظنون حينئذ انحصار الفائدة فيه فإنّه أظهر الفوائد، ويومئ إليه قوله : «إن المظنون أو المعلوم انحصار فائدة التقييد ... الخ» فليس ما ذكره مقصورا على صورة العلم بانتفاء سائر الفوائد كما ذكر في الإيراد ، فعلى هذا لو فرض انتفاء الظنّ في خصوص بعض المقامات فلا دلالة عند التمسّك بالوجه المذكور والإيراد عليه من هذه الجهة.
نعم ، يتوجّه عليه منع ما ادّعاه من الظهور حينئذ ، إذ لم يبيّن وجها لاستظهاره ، ومع ذلك (١) فقد ذكر في آخر كلامه : أنّ الوجه المذكور مخصوص بما إذا انتفى الفائدة في التقييد سوى الانتفاء المذكور. وذلك يدفع ما ذكرناه من التوجيه المذكور ، إلّا أن يؤوّل العبارة المذكورة بما لا يخالف ذلك ، ولا داعي إليه ، فتأمّل.
ولبعض الأفاضل في تقرير الدلالة العقليّة مسلك آخر ، محصّله : أنّ كلّ متكلّم عاقل إذا أمكن تأديته للمراد بلفظ مطلق فلم يكتف به وعبّر بالمقيّد يعلم أنّه أراد بذلك إفادة أمر لا يستفاد من اللفظ المطلق ، فإن لم تكن هناك فائدة سوى انتفاء الحكم بانتفاء القيد فلا نزاع في حصول القطع أو الظنّ بإرادته ، إنّما النزاع فيما إذا كان هناك فوائد عديدة ولا دليل على تخصيص إحداها بالإرادة فهل يتوقّف في ذلك ، أو يقدّم بعضها؟ فذكر حينئذ : أنّا إذا تتبّعنا التعليقات على الشروط وجدنا الأغلب فيها البناء على الفائدة المذكورة ، فليرجّح البناء عليها بالنسبة إلى غيرها من جهة ملاحظة تلك الغلبة والكثرة ، فإذا رأينا جملة شرطيّة لا قرينة فيها على ملاحظة فائدة معيّنة من تلك الفوائد يحصل لنا الظنّ بتوسّط استحالة خلوّها عن الفائدة ، أو بعدّه بأنّه من القسم الغالب. ثمّ استشكل في جواز الاعتماد على الظنّ المفروض ، لعدم دليل قاض بحجّيته ، فإنّ القدر المعلوم من حجّية الظنّ في الألفاظ ما كان من جهة الدلالة المطابقيّة أو الالتزاميّة البيّنة ولو كان اللزوم فيها عرفيّا.
__________________
(١) في (ق) : لاستظهار دفع ذلك.