ذلك لكان اعتبار القيد عبثا لغوا لا حاجة إلى ذكره ، وإن لم يكن حاجة إلى تركه أيضا ، فإنّ الواجب عند الحكيم ترك ما لا حاجة إلى ذكره وتركه ، لأنّ العبث فعل ما لا فائدة في فعله ، لا ترك ما لا فائدة في تركه.
فحاصل الاستدلال : أنّ المظنون أو المعلوم انحصار فائدة القيد المذكور في انتفاء الحكم عن غير محلّ القيد ، فلولاه لزم العبث إمّا ظنّا أو يقينا ، إذ المظنون أو المعلوم خلوّ كلام المتكلّم عن العبث ، فينتج العلم أو الظنّ بانتفاء الحكم عن غير محلّ القيد عند المتكلّم، وهو المطلوب.
ثمّ قال : إنّ هذا الوجه يعمّ سائر المفاهيم ، سوى مفهوم اللقب ، ويختصّ بما إذا انتفى الفائدة في التقييد سوى الانتفاء المذكور.
وقد يورد عليه باختصاص الوجه المذكور بما إذا كان المتكلّم حكيما ، إذ لا يجري ذلك في غيره ، فلا تكون الدلالة حاصلة بالنسبة إلى الكلام الصادر من سائر المتكلّمين.
ويدفعه : أنّ الظاهر من قاعدة الوضع البناء على صون الكلام عن اللغو مع الإمكان ، حكيما كان المتكلّم أو غيره حتّى يتبيّن الخلاف.
نعم ، يرد عليه ما أفاده بعض أفاضل المحقّقين من : أنّ هذا التقرير إنّما يتمّ إذا علم انتفاء ما عدا التخصيص من الفوائد ، ومع هذا الفرض فالنزاع مرتفع ، إذ لا خلاف في إرادة ذلك مع انتفاء غيره من الفوائد في كلام الشرع ، وإلّا لزم اللغو والعبث تعالى الله سبحانه عنه. وإنّما الخلاف فيما إذا دار الأمر في الشرط بين أن يكون للتخصيص أو لغيره فهل الأصل الحكم بالأوّل حتّى يظهر خلافه ، أو لا بدّ من التوقّف حتّى يقوم دليل منفصل عليه؟
فالقائلون بالحجّية ذهبوا إلى الأوّل ، والباقون إلى الثاني ، فالشرط المذكور من القائل بحجّية المفهوم غفلة ورجوع إلى القول بعدم الحجّية.
قلت : كان مقصود القائل المذكور ترجيح هذه الفائدة على الفوائد المحتملة ، وحاصل كلامه : أنّه إن كان هناك فائدة ظاهرة غير ذلك فلا دلالة في التعليق على