في الطلاق فانفهام ذلك إنّما هو من جهة الأصل المقرّر في الأذهان بعد اختصاص اللفظ بغيره ، ولا ربط لذلك بدلالة المفهوم.
وبعبارة اخرى : إنّما يفيد ذلك عدم شمول الحكم المذكور في الخطاب المفروض لغير الأسود ، فلا يجب عليه شراء غير الأسود بهذا الخطاب ، وهو ممّا لا كلام فيه قد اتّفق عليه القائلون بحجّية المفهوم ومنكروها ، ولا ربط له بدلالة المفهوم ، والقدر المسلّم من التبادر في المقام هو هذا المقدار. وأمّا دلالته على عدم وجوب شراء غير الأسود مطلقا وعدم كونه مطلوب له رأسا ليفيد الكلام حكمين : أحدهما إيجابي والآخر سلبي فلا ، ودعوى تبادره في المقام ممنوعة ، وهو ظاهر.
ومنها : أنّ الغالب في المحاورات ـ سيّما في كلام البلغاء ـ إرادة المفهوم من الأوصاف ، وقصد الاحتراز من القيود ، فالظنّ يلحق المشكوك بالأعمّ الأغلب.
وفيه : أنّ إرادة الاحتراز من القيود وصفا كانت أو غيرها لا ربط لها بدلالة المفهوم ، حسب ما مرّت الإشارة إليه ، فإنّ قضيّة ذلك إخراج الوصف المذكور ما ليس بتلك الصفة عن مدلول الكلام ، فلا يشمله الحكم المذكور ، ولا يفيد ثبوته له ، ولا دلالة فيه على عدم ثبوت ذلك الحكم له بحسب الواقع كما هو المدّعى ، إلّا مع قيام قرينة عليه ، كما إذا اورد ذلك في الحدود ، حيث إنّه يعتبر فيها المساواة للمحدود ، فلو كان المحدود صادقا في الواقع مع انتفاء الوصف وغيره من القيود المأخوذة في الحدّ لم يكن الحدّ جامعا ، فلا يصحّ التحديد ، فيقوم شاهدا على إرادة المفهوم هناك.
ودعوى كون الغالب إرادة المفهوم عند ذكر الأوصاف محلّ منع ، ولو سلّم فأقصى الأمر حصول الأغلبيّة في الجملة ، وبلوغها إلى درجة تقضي بانصراف الإطلاق إليه محلّ منع.
ومنها : أنّهم اتّفقوا على كون الوصف من المخصّصات ، كالشرط والغاية ونحوها ، وقضيّة ذلك انتفاء الحكم بانتفاء الوصف ، ولو كان الحكم ثابتا مع انتفاء الوصف أيضا لم يكن العامّ مخصّصا.