ومستند القائل بالمفهوم من ظهور الكلام في إناطة الحكم بالوصف أو لزوم خلوّه عن الفائدة أو نحو ذلك جار في المقامين على نهج واحد ، ولذا لم يفرّق أحد في مدلول الروايات المشتملة على بيان الأحكام الشرعيّة بين التعبيرين.
غاية الأمر انتفاء الدلالة على المفهوم في الإخبار في جملة من المقامات ، كما يجري مثله في الإنشاءات ، وذلك أمر آخر لا يمنع من ثبوت المفهوم في غيرها ، فلا فرق بين قولك : «يجب إكرام الرجل العالم» وقولك : «أكرم الرجل العالم» في إفادة المفهوم وعدمها ، كما لا يخفى.
والقول بأنّ الإنشاء حيث لا خارج له يطابقه أو لا يطابقه لا يمكن تعلّقه بغير المذكور فينتفي عن غيره بخلاف الأخبار مدفوع :
أوّلا : بجريانه في مطلق القيود من الألقاب وغيرها.
وثانيا : باشتراكهما في اختصاص موردهما الشخصي بالمذكور وإمكان تعلّق نوعه بغيره.
وثالثا : بما مرّ بيانه في مفهوم الشرط ، ويأتي توضيحه في مفهوم الغاية أيضا.
ومنها : التفصيل بين التوصيف بوصف الغير وما يؤدّي مؤدّاه ، كقولك : «أكرم الناس غير الكفّار وسوى الفسّاق» وغير ذلك ، فيدلّ على انتفاء الحكم بانتفاء الأوّل دون غيره ، ذهب إليه بعض المتأخّرين ، وهو خروج عن محلّ الكلام ، إذ الأوّل يجري مجرى الاستثناء ويفيد معناه ، ولا كلام عندنا في دلالته إذا على المعنى المذكور ، وأين ذلك ممّا نحن فيه من دلالة التعليق على الوصف من حيث هو على ذلك؟
ومنها : التفصيل بين الوصف الصريح والوصف المفهوم من الكلام ، أو بضميمة قرائن المقام ، كالوصف المستفاد من قوله صلىاللهعليهوآله : «لئن يمتلئ جوف الرجل قيحا خير من أن يمتلئ شعرا» (١) لدلالته على الشعر الموصوف بالكثرة ، وظاهر الأكثر
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٧٩ ص ٢٩٢.