المدّعى ، كيف؟ ولو صحّ ذلك لكان من المعنى المطابقي أو التضمني ، ولا يقول به الخصم. وإن أراد ما ينتهي إليه ـ انقطع أو لم ينقطع ـ لم يكن في ذلك دلالة على المفهوم.
وقد يقال : إنّه لا يعقل وجه للتفرقة بين حقيقة الانتهاء والانقطاع ، إذ لا معنى للانتهاء مع فرض استمرار الحكم ودوامه وعدم تأثير الغاية في انقطاعه.
وفيه : أنّ كلّ جزء من أجزاء السير غاية لما تقدّمه وإن حصل بعده من جنسه ، فوقت الظهر غاية لما قبله ، أي ينتهي إليها ما سبقها من الزمان وإن استمرّ الزمان والنهار فيما بعدها. فالمراد بالانتهاء : بلوغ القدر المقصود إلى غايته ونهايته ، وهو أعمّ من الانقطاع ، إذ الغرض منه انتهاء نوعه وعدم استمرار جنسه فيما بعد غايته. فالغرض من الإيراد : أنّ القدر المسلّم وضع الأداة لإفادة انتهاء القدر المقصود بالبيان عند مدخولها ، وذلك لا يستلزم انقطاعه إليه وانتفاء جنسه فيما بعده.
ويشهد بذلك : أنّه لا يقال للجالس إلى العصر : إنّه لم يجلس إلى الظهر ، إنّما يقال: إنّه لم ينقطع جلوسه عندها ، فغاية ما يدلّ عليه اللفظ إثبات وقوع الفعل في الزمان المنتهي إلى الغاية المفروضة ، وهو لا يستلزم انقطاعه عندها ، بل يكون ساكتا عن بيان ما بعدها ، فلا يكون الانقطاع مدلولا مطابقيا ولا تضمّنيا للّفظ ، ولذا لم يقل به الخصم أيضا.
والحاصل : أنّ غاية ما يدلّ عليه لفظ «من» و «إلى» انحصار الحكم المقصود بالإظهار الواقع في حيّز الإنشاء أو الإخبار فيما بين الحدّين ، ومقتضى ذلك انتهاء ذلك الحكم المخصوص بحصول غايته ، والمدّعى مخالفة ما بعدها لما قبلها في الحكم ، فالمستدلّ يدّعي دلالة اللفظ على انقطاع الحكم الواقعي فيما بعد الغاية ، واللفظ إنّما يدلّ على انتهاء الحكم المقصود بالبيان ، وأحدهما غير الآخر ، وليس المعنى الأوّل داخلا في معناه الموضوع له ، ولا مدلولا للّفظ ، وإلّا لكان من المنطوق المطابقي أو التضمّني ، وهم لا يقولون به.
ويمكن الجواب عنه : بأنّ حمل التقييد بالغاية على المعنى المذكور يتوقّف