مدلوله المنقطع إليها ، وذلك لا ينافي تحقّق وجوب آخر بإنشاء على حدة حاصل بعد الخطاب الأوّل ، فينتفي الحكم فيما بين الخطابين أو قبله أو مقارنا له ، ولا منافاة بينهما على شيء من الوجوه الثلاثة.
وفيه : أنّ النزاع في المسألة ـ على ما عرفت غير مرّة ـ إنّما هو في أنّ التقييد بالغاية هل يفيد حكما واحدا وجوديّا وهو إثبات الحكم في محلّ النطق ، أو يفيد مع ذلك حكما عدميّا وهو نفيه عن غيره ، أو بالعكس حيث يكون النسبة المذكورة سلبيّة من غير فرق بين الإخبار والإنشاء في ذلك ، فالغرض من إثبات المفهوم أنّ الخطاب المفروض ينحلّ إلى خطابين : إيجابي وسلبي ، ففي الإخبار يدلّ على الإخبار بالأمرين جميعا ، وفي الإنشاء يفيد إنشاء الحكمين معا ، والنافي يقول بعدم دلالة اللفظ إلّا على الأوّل ، وعدم التعرّض فيه للثاني بنفي ولا إثبات.
والمقصود من الدليل : أنّ التقييد بالغاية في الإخبار يدلّ على الإخبار بكونها آخرا للأمر المخبر عنه ، فيدلّ على انتهائه عندها وعدم استمراره بعدها ، وإلّا لم يكن آخرا ، إذ من البيّن أنّ الغاية في الكلام لم تجعل غاية للإخبار حتّى ينتهي الإخبار عندها ، وإنّما جعلت غاية للأمر الواقعي ، وفي الأوامر يدلّ على انتهاء نوع الطلب عندها ، وكونها آخرا للطلب أو المطلوب مطلقا ، فلو فرض بقاؤه بعدها ولو بإنشاء آخر قبله أو معه لم يكن آخرا ، فكأنّه أنشأ حكما آخر سلبيّا وهو نفي الطلب والمطلوبيّة فيما بعد الغاية. والقول بأنّ الأمر العدمي لا يتعلّق به الإيجاد مدفوع : بأنّ الغرض من إيجاده إثباته وتقريره.
نعم ، لو تجدّد الطلب بعد الغاية لم يكن ذلك منافيا للأوّل ، وكذا الحال في سائر الإنشاءات ، فليست الغاية لخصوصيّاتها ، بل لنوعها على ما تقدّم في محلّه من كون الموضوع له في تلك الهيآت عامّا ، ويشهد بذلك أنّه لو نصّ الآمر بعد التقييد بالغاية على استمرارالحكم فيما بعدها عدّ ذلك نسخا للتقييد بها ، أو قرينة على إرادة خلاف المعنى الظاهر منه ، ولو لا دلالة الكلام على انتهاء نوع الطلب عند الغاية لم يكن إثباته بعدها من النسخ والبداء. ويؤيّده : أنّ القول بالتفصيل في