ويدفعه : أنّ ذلك لا ينافي القول بنفي المفهوم ، فإنّ غرض القائل به خروجه عن مدلول الكلام ، ولزوم الرجوع في مقام العمل إلى مقتضى الأصل ، سواء أفاد البناء على الحكم السابق على الغاية المفروضة أو على خلافه.
ومنها : أنّ الدلالات منحصرة في الثلاث ، ومن البيّن انتفاء دلالة المطابقة والتضمّن في المقام ، كيف ولا يدّعيه الخصم أيضا؟ إذ ليس انتفاء الحكم فيما بعد الغاية نفس الموضوع له ولا جزءه ، للقطع بخروج ما بعد الغاية عن مدلول اللفظ ، ولذا استبعد جماعة وقوع الخلاف واستظهروا اختصاصه بنفس الغاية كما مرّ ، فكيف يندرج فيه حكمه؟ وأمّا الالتزام فهو أيضا غير ظاهر في المقام ، لانتفاء الملازمة في المثال المفروض بين وجوب صوم النهار وعدم وجوب صيام الليل ، فيمكن أن يكون السكوت عن الثاني لعدم تعلّق الغرض ببيانه ، أو لحصول مانع من ذكره فإنّ إثبات الشيء لا يقضي بنفي ما عداه.
وفيه ما عرفت من ثبوت الملازمة بين كون الغاية آخرا للحكم المغيّا وانتفائه فيما بعدها ، وإلّا كانت وسطا للحكم ، ولم يكن غاية على ما مرّ بيانه ، فتكون الدلالة على ذلك التزاميّة ، بل هو من الالتزام البيّن ، لعدم انفكاك تصوّر أحد المتلازمين المذكورين عن تصوّر الآخر ، بل ربّما يقال بكونها تضمّنيّة فإنّ مفهوم الآخريّة يتضمّن الانتفاء عمّا بعده ، وفيه اشتباه اللازم البيّن بالجزء ، لوضوح أنّ ما بعد الغاية غير مذكور في الكلام حتّى يشتمل على حكمه ، كما في مفهوم الشرط والاختصاص والتوقيت ونحوها.
ومنها : أنّ التقييد بالغاية كما يقع مع انتفاء الحكم عمّا بعدها كذا يقع مع ثبوته ، لوروده في الاستعمالات على كلا الوجهين ، فيكون للقدر المشترك بين الأمرين ، فإنّ كلّا من المجاز والاشتراك مخالف للأصل ، وقد شاع الاحتجاج بمثل ذلك في كثير من المقامات.
وفيه : أنّ ورود التقييد بالغاية مع استمرار الحكم فيما بعدها أمر نادر قليل الوقوع ، لا سيّما في كلام أرباب الحكمة والبلاغة ، ولا عبرة بالاستعمالات