من علمائنا. وعن الحنفيّة والقاضي أبي بكر وجماعة من المتكلّمين نفيه. وعن بعضهم التوقّف فيه.
ثمّ اختلف المثبتون في الدلالة ـ فأكثرهم على أنّها من المفهوم وعن بعضهم القول بكونها من المنطوق ـ وفيما هو المناط فيها. فيظهر من بعضهم أنّ الوجه فيه مخالفة الترتيب الطبيعي : إمّا لجعل اسم الذات خبرا والوصف مبتدء ، أو لتقديم الخبر على المبتدأ على اختلاف الوجهين فيه. فينسحب الحكم في تقديم كلّ ما كان من حقّه التأخير ـ كتقديم الفاعل والمفعول على الفعل ، والحال والتميز على ذيهما ، وغير ذلك ـ وعليه فلا حاجة إلى القيود المذكورة في العنوان ، ولا يجري في مثل : زيد العالم ، والكرم في العرب ، والأئمّة من قريش ، والأعمال بالنيّات ، ونحوها.
ومنهم من جعل المناط فيه كون المبتدأ أعمّ من خبره بحسب المفهوم ، فيدلّ على انحصار مصاديقه فيه ، وعليه فلا فرق بين مخالفة الترتيب وعدمها ، فلو جعلنا العالم في المثال خبرا مقدّما لم يندرج في هذا العنوان.
ومنهم من جعل المدار على التعريف في مقام الحمل وكون المعرّف أعمّ بحسب المفهوم ، سواء كان موضوعا أو محمولا ، فلا فرق حينئذ بين قولك : «العالم زيد» على كلا الوجهين فيه وقولك : «زيد العالم». وعلى الوجهين فلا فرق في المحمول بين الأوصاف وأسماء الأجناس ، ولا في المحمول عليه بين العلم وغيره ، كما في قولك : الرجل زيد ، والكرم في العرب ، والأئمّة من قريش ، وغيرها ، ولا بين التعريف باللام والإضافة. وعلى هذا فينبغي عدم الفرق بين قولك : «صديقي زيد» و «زيد صديقي» في الدلالة ، كما يظهر من التفتازاني وغيره مع ظهور الفرق بينهما من العرف ، إذ لا يكاد يفهم الحصر من قولك : زيد صديقي.
وقد يعلّل بدعوى ظهوره في الإضافة اللفظيّة ، أي : هو صديق لي ، فلا يفيد التعريف وهو مشترك الورود.
وقد يدّعى اختصاص المسألة بالتعريف باللام ، وهو ينافي تمثيلهم بمثل صديقي زيد.