يستعمل في كلام العرب في معنى القصر كما عرفت ، فيكون حقيقة فيه احترازا عن التجوّز في الاستعمالات الشائعة. والقول باستعمالها فيها في القدر المشترك واستفادة الحصر من دليل آخر وهم فاحش ، فإنّا نقطع باستعمالها في خصوص المعنى المذكور وتبادره منها ، وعدم الحاجة إلى استفادة معنى الحصر من غيرها ، بل كثيرا ما ينحصر دليل الحصر فيها ، فالاستعمال النادر لو فرض وقوعه أحقّ بأن يكون مجازا ، إذ النادر في حكم المعدوم سيّما مع معارضته بالمثل ، على أنّ تسليم استعمالها في الحصر تارة وفي غيره اخرى ينافي ما بني عليه من الحمل على القدر المشترك ، لرجوعه إلى نفي الأوّل وترجيح الآخر من غير مرجّح ، فإنّ القدر المشترك هو الثاني بعينه ، إذ ليس المراد منه استعمالها بشرط عدم وقوع الحصر فيصدق في مقام الحصر أيضا.
غاية الأمر اقتران الاستعمال إذا بثبوت الحصر من دليل آخر من غير أن يكون اللفظ مستعملا فيه ، فيكون استعماله على ذلك في خصوص الحصر كما هو الغالب مجازا ، وفساده ظاهر ، مضافا إلى ما تقرّر من عدم دلالة الاستعمال بمجرّده على الحقيقة ، مع أنّ المنع من استعمالها في الحصر في الأمثلة المذكورة غير ظاهر ، لإمكان إرادة الحصر المجازي ، أو الادّعائي ، أو الإضافي ، أو حصر الكمال. ولو اريد الحقيقة أمكن تقييد المثال الأوّل على فرض ثبوته بالمتساويين ، أو في بيع غير المكيل والموزون ، كما قاله جماعة من الأصحاب وأكثر العامّة في بعض الموارد.
ثمّ إنّ غاية الأمر أن يكون ظاهره إذا مخالفا للإجماع ، ووجه الحصر في الآيتين الأخيرتين عندنا ظاهر. وما ذكر من التسوية بين كلمتي «إنّ» و «إنّما» في المدلول واضح الفساد ، فإنّ الاولى تدلّ على تأكّد الإثبات ، والثانية على قصر الحكم على المذكور وحبسه فيه ، فيلزمه انتفاؤه عن غيره ، فهي موضوعة للحصر ، والمحصور هو اللفظ المتّصل بها ، والمحصور فيه إنّما يقع بعد ذلك في الغالب ، فإن كان المتّصل بها وصفا أو حكما دلّت على انتفائه عن غير المذكور فيه ، كما في قوله