ومن هنا توهّم القائل المذكور ، فزعم أنّ مرادهم بالشرط هو شرط الوجود دون شرط الوجوب، إذ مع انتفاء شرط الوجوب وعلم الآمر به لا يتعقّل تحقّق التكليف في المقام بدون الوجوب. قال : وذلك ظاهر (١).
ويمكن دفعه : بأنّه ليس الكلام في جواز الأمر والتكليف حين انتفاء شرطه ، بل المراد أنّه هل يجوز التكليف بأداء الفعل في الوقت الّذي ينتفي فيه شرط التكليف بحسب الواقع مع علم الآمر به بأن يكون حصول التكليف به قبل مجيء وقت الإيقاع الّذي فرض انتفاء الشرط فيه؟ فإنّ النزاع في المقام في تحقّق التكليف قبل زمان انتفاء الشرط ، كما يظهر من تمثيلاتهم. وعزي إلى طائفة من المحقّقين التصريح به. وتوضيحه : أنّه لا يشكّ في كون انتفاء شرط التكليف مانعا من تعلّق التكليف بالفعل حين انتفاء شرطه ، إنّما الكلام في جواز تعلّق التكليف به قبل الزمان الّذي ينتفي الشرط فيه إذا كان الآمر عالما بانتفائه فيه دون المأمور ، سواء كان التكليف قبل مجيء زمان الفعل ، أو قبل مجيء الزمان الّذي يقارن بعض أجزاء الفعل ممّا ينتفي الشرط فيه بالنسبة إليه.
فعلى القول بالمنع يكون انتفاء شرط التكليف على الوجه المذكور مانعا من تعلّق التكليف به مطلقا.
وعلى القول بالجواز لا يمنع ذلك من تعلّق التكليف به قبل ذلك ، فيسقط عند انتفاء الشرط ، أو علم المأمور بالحال ولو قبله بناء على المنع من التكليف مع علم المأمور بالحال حسب ما ادّعوا الاتّفاق عليه ، كما أشار المصنّف إليه.
والحاصل : أنّه لا منافاة بين انتفاء التكليف في الزمان المقارن لانتفاء الشرط وحصول التكليف قبله ثمّ سقوطه بانتفاء الشرط ، والقدر اللازم من انتفاء شرط الوجوب هو الأوّل ولا كلام فيه ، ومحلّ البحث في المقام هو الثاني.
وما قد يتخيّل : من أنّه لا يتعقّل تعلّق التكليف بالفعل قبل مجيء زمانه ، غاية
__________________
(١) في المطبوع : لا يتعقّل التكليف ، إذ لا يتصوّر التكليف في المقام بدون الوجوب ، فإنّ ذلك ظاهر.