ثمّ إنّ نسخ الوجوب كما عرفت هو رفعه فقد يتعلّق الرفع بنفس الوجوب أو بجزئه الأخصّ أو الأعمّ أو بجزئيه معا ، لا إشكال في وقوع الخلاف في الصورة الاولى كخروج الأخيرين عن محلّ النزاع.
وأمّا الثالث فسيجيء في كلام المصنّف التصريح بخروجه عن محلّ البحث ، لكن نصّ الشهيد الثاني وغيره باندراجه في محلّ الخلاف وهو المتّجه ، لجريان الوجه الآتي بعينه في ذلك أيضا ، فإنّ ارتفاع الفصل قاض بارتفاع الجنس ، فيندفع به ما يتخيّل من انتفاء الإشكال حينئذ في بقاء الجواز.
نعم قد لا يجري في بعض الوجوه المتخيّلة لارتفاع الجواز ، ومجرّد ذلك لا يقضي بخروجه عن محلّ البحث ، مع أنّ ظاهر إطلاقاتهم شمول النزاع للوجهين وإن كان الأظهر بالنظر إلى سياق كلامهم هو الصورة الاولى خاصّة.
والمراد بالدلالة في المقام إمّا الدلالة اللفظيّة بأن يكون الدالّ على الوجوب هو الدالّ على بقاء الجواز بأن يفيد النسخ رفع جزئه الأخصّ فيكون الأعمّ مدلولا لما دلّ على ثبوت الكلّ ، أو لا دلالة له على الجواز وإثباته بواسطة اللفظ وإن كان ثبوته من جهة استصحاب الجواز ، فالمدّعى حينئذ إثبات الجواز بواسطة اللفظ الدالّ على ثبوت الوجوب ، والثاني هو المناسب لبعض أدلّتهم الآتية. وأما إثبات الجواز بواسطة أصالة البراءة أو الإباحة ونحوهما من غير تمسّك بثبوت الجواز أوّلا بالأمر فممّا لا ربط له بالمقام بل هو من قول المنكر لدلالته على الجواز.
ثم إنّ الجواز المبحوث عنه هو الجواز بالمعنى الأعمّ الشامل للأحكام الأربعة ، كما هو المنساق عن العبارة وإن لم يكن حصوله في المقام في ضمن الوجوب من جهة النسخ أو الشامل للثلاثة ، حيث إنّ نسخ الوجوب دليل على عدم حصول الجواز في ضمنه وإسناد البقاء إليه مع أنّه أخصّ من المعنى الجنسي الحاصل في ضمن الوجوب نظرا إلى حصول الأعمّ في ضمنه وكون الخصوصيّة من لوازم نسخ الوجوب المأخوذ في عنوان المسألة. أو يراد به الجواز بالمعنى الأخصّ يعني خصوص الإباحة كما احتمله في النهاية ، وسيأتي عن المصنّف