وأنت بعد التأمّل فيما ذكر تعرف ضعف جميع ذلك فلا حاجة إلى التطويل.
قوله : (والجواب المنع من وجود المقتضي).
أورد عليه بأنّ ما ذكره سندا للمنع لا ربط له بنفي وجود المقتضي ، فإنّ عدم حصول المقتضي لا يدلّ على عدم وجود المقتضي لإمكان استناد انتفائه إلى وجود المانع.
ويدفعه : أنّ المقتضي للجواز حسب ما يؤول إليه كلام المستدلّ هو الاستصحاب وهو مدفوع بما سنبيّنه ، فيكون ما ذكره دفعا لثبوت المقتضي ، وحيث إنّ دفعه مبنيّ على عدم إمكان بقاء الإذن بنفسه بيّن ذلك بما قرّره ولو على القول بعدم علّية الفصل للجنس ، فالإيراد المذكور كأنّه بالنظر إلى بادئ الرأي مع قطع النظر عن ملاحظة ما ذكره في الجواب ، وأمّا بعد التأمّل فيه فلا مجال للإيراد المذكور أصلا كما لا يخفى ، وقوله في آخر كلامه : فإنّ انضمام القيد ممّا يتوقّف عليه وجود المقتضي ، صريح في ذلك.
قوله : (لأنّ انحصار الأحكام في الخمسة).
لا يخفى أنّه لابدّ أن يكون للإذن في الفعل مرتبة معيّنة بحسب الواقع من البلوغ إلى درجة المنع من الترك وعدمه ، وبلوغه في الثاني إلى درجة رجحان الفعل وعدمه وبلوغ الترك في الثاني إلى درجة الرجحان وعدمه ، ولا يعقل خلوّه عن إحدى المراتب المذكورة فبعد الحكم بتحقّق الإذن في المقام يتبعه القول بحصول إحدى تلك المراتب له عمّا سوى المرتبة الاولى.
غاية الأمر أنّه لابدّ من القول بحصول ما يوافق الأصل منها بعد تحقّق الإذن ، ولا يمكن أن يعارضه أصالة عدم الخصوصيّة المذكورة ، فإنّ تلك الخصوصيّة تابعة لبناء الإذن ، وقد عرفت أنّ أصالة عدم التابع لا يعارض أصالة بقاء المتبوع ، كما يعرف ذلك من تتبّع موارد جريان الاستصحاب كما مرّت الإشارة إليه.
قوله : (لكان معارضا بأصالة عدم القيد).
قد عرفت أنّ الإذن في الترك حاصل على الوجهين فلا وجه للقول بأصالة عدمه إلّا أن يقال : إنّه مع تعلّق النسخ بالجميع لا يحصل هناك إذن في الترك ، وهو كما ترى ، كما تقدّمت الإشارة إليه.