مباحث الألفاظ ممّا لا كلام فيه وهو عمدة الأدلّة في إثبات الأوضاع التركيبيّة وجرت على الرجوع إليه طريقة أهل العربيّة ؛ فالحقّ في الجواب ما قدّمناه.
نعم استدلّ في المقام أيضا تارة بحمل الأمر على النهي ، فإنّه للفور فكذا الأمر قياسا عليه ، واخرى بأنّ الطلب إنشاء كالإيقاعات من العتق والطلاق وكذا العقود مثل «بعت» و «اشتريت» فكما أنّ معاني تلك تقع على الفور فليكن هنا كذلك ، قياسا عليها بجامع الإنشائيّة ، وهذا الجواب يوافق أحد التقريرين المذكورين دون ما ذكر.
قوله : (وبطلانه بخصوصه ظاهر).
أي : عدم حجّية القياس في إثبات الأوضاع بخصوصه ظاهر ، كما ذهب إليه المعظم واتفق عليه المحقّقون ، حسبما قرّر في محلّه ، وإنّما ذلك بعد حصول الظنّ منه في المقام ، وإلّا فبعد حصول الظن منه فالظاهر حجّيّته في المقام إن قلنا بعدم حجّيّته في الأحكام ، لابتناء الأمر في مباحث الألفاظ على مطلق الظنّ ، بخلاف الأحكام الشرعيّة ، ولقيام الدليل عندنا على عدم جواز الرجوع اليه في الأحكام وعدم قيام دليل على المنع من الأخذ بالظنّ الحاصل منه في مباحث الألفاظ.
قوله : (فبالفرق بينهما).
محصّل البيان المذكور انّ المنشأ بإنشاء الأمر يعني الطلب الحاصل به لا يمكن تعلّقه بالحال ، لما مرّ من لزوم تحصيل الحاصل ، بخلاف غيره ممّا تعلّق به الأخبار وسائر الإنشاءات ، إذ يمكن تعلّقه بالحال ، فإذا كان الثاني موضوعا للحال لا يمكن أن يقاس عليه الأوّل مع عدم إمكان إرادة الحال.
وهذا الفرق وإن كان متّجها إلّا أنّه مبنيّ على كون مراد المستدلّ أنّ ما تعلّق به الإخبار أو شيء تعلّق به المنشأ بذلك الإنشاء للحال ، وليس كذلك لتعقلّه كثيرا بغير الحال أيضا ، وبه يبطل الاستدلال من أصله حسب ما قرّرناه.
قوله : (بأنّ الأمر قد يرد في القرآن).
ظاهر الاحتجاج المذكور إفادة الاشتراك اللفظي كما مرّ نظيره في كلام السيّد ، لكن عرفت أنّه يمكن حمل كلامه هنا على إثبات الاشتراك المعنوي بحمل