تلك الأعمال عبادات ، إذ المراد لزوم اقترانها بالنيّة في الجملة. فيدور مدار الجعل الشرعي في لزوم اقترانه بأوّل العمل في غير الصوم وجواز تقديمه وتأخيره في الصوم ، فيرجع الأمر في غير الجزء المقترن مع النيّة إلى نحو ما يأتي بيانه في المطلوب بالنهي ـ إن شاء الله تعالى ـ من غير فرق بين الجزء الأوّل والأخير. فالمطلوب في الصيام ترك المفطرات مع النيّة في الجملة على التفصيل ، وفي الاعتكاف ترك الخروج من المسجد في المدّة المعيّنة مع النيّة في أوّلها ، وفي الإحرام ترك المحرّمات مع النيّة حال انعقاده.
وأمّا المسألة الأخيرة فإن فرض استمرار الداعي إلى آخر العمل واستناده بجميع أجزائه إليه لم يخرج شيء من أجزائه عن الاختيار فلا يقدح فيه ما لا ينافيه من السهو والغفلة ، إذ مثله لا يمنع من التكليف. وإن فرض انقطاعه وعروض النسيان المانع من دوامه فلا ينبغي التأمّل في خروجه عن المكلّف به في الحقيقة ؛ والأصل عدم الاجتزاء به ، لأنّ ما دلّ على اشتراطه بالنيّة يقضي باعتبارها في كلّ جزء من أجزائه. فالاكتفاء بالاستدامة الحكميّة يتوقّف على الدليل النقلي وقد عرفت توجيهه ، ولم يثبت ذلك في أكثر العبادات. فالمعتبر هو الاستدامة الحقيقيّة على ما ذكرناه.
نعم إن قلنا بكون النيّة هي الإخطار بالبال فلا محيص عن الاكتفاء بالحكميّة لتعسّر إيقائه أو تعذّره.
وقد ذكر بعض المحقّقين في توجيه المسألة : أنّ المانع من تعلّق التكليف بفعل النائم والناسي والغافل ونحوهم هو أنّ الإتيان بالفعل المعيّن لغرض امتثال الأمر تقتضي العلم بتوجّه الأمر نحوه مع امتناعه في حقّهم ، ومن المعلوم أنّ الموانع المذكورة إنّما تمنع من ذلك في ابتداء الفعل دون سائر أجزائه ، إذ لا يتوقّف صحّتها على توجّه الذهن إليها فضلا عن إيقاعها على الوجه المطلوب.
نعم قد يكون العارض مخرجا للمكلّف عن أهليّة الخطاب والتهيّؤ له أصلا كالجنون والإغماء ومثله يمنع من استدامة التكليف كما يمنع من ابتدائه. أمّا لو لم