القوّة والشأنيّة. وما هذا حاله فلا يستدعي الامتثال ما لم يخرج من القوّة إلى الفعل ، فالإتيان بالمطلوب حينئذ لا يكون إتيانا بالواجب الفعلي ، فلا يكون مسقطا له إلّا إذا ثبت قيامه مقامه ، كفعل الساهي والنائم ونحوهما.
فإن قلت : إن تقيّد الطلب بالقيد المذكور كان الحال في ذلك كسائر الشرائط فينتفي الحكم الواقعي وقد ثبت خلافه ، وإلّا حصل المطلوب بدونه فكان أداء للواجب بعينه.
قلت : إنّما يثبت التقييد في الطلب الفعلي دون الشأني ، وبه يظهر الفرق بينه وبين سائر القيود.
فإن قلت : إنّ الأصل في الحكم عند القائلين بالتخطئة هو الحكم الواقعي وإنّما يترتّب عليه الفعليّة بإمكان العلم به ، فإذا لم يتقيّد الواقع بالقيد المذكور حصل المطلوب لا محالة ويلزمه سقوط الواقع في نفس الأمر ، فلا يترتّب عليه الفعليّة بعد الانكشاف.
قلت : إنّ الطلب وإن كان مطلقا في الواقع لكن المطلوب مقيّد بالإمكان ، وكما أنّ فعل الساهي والناسي والمخطئ خارج عن الفعل الاختياري كذا فعل الجاهل بالحكم والغافل عنه خارج عن مورد الطلب وإن اتّفق مصادفته للمطلوب الواقعي ، إذ الأمر الواقع بالبخت والاتّفاق خارج عن القصد والشعور ، ويمتنع معه الالتفات إلى أداء المكلّف به ، ومن البيّن أنّ التكليف لا يتعلّق إلّا بالمقدور.
فإن قلت : إذا كان المكلّف به مقيّدا بأمر غير حاصل فقد انتفى التكليف قبل حصول القيد في نفس الأمر ـ كتقييد الصيام بالنهار ، والحجّ بالموسم وغيرهما ـ فلا حكم لهما قبل ذلك في الواقع. وإذا كان الحال في المقام أيضا كذلك رجع إلى التصويب.
قلت : فرق بين التقييد بزمان غير حاصل كالصوم المقيد بالنهار والتقييد بوصف غير حاصل إذ التكليف به في معنى التكليف بتحصيل الوصف ، وهو أيضا وإن كان من التكليف بغير المقدور لكنّه أمر شأني لا تنجّز له ، فلا يمتنع تعلّقه بمثله