الوضوء. فإذا انقسم الأمر في الشرع إلى قسمين ، فكيف نجعلهما قسما واحدا»؟
وفرّق في ذلك بين السبب وغيره ، بأنّه محال أن يوجب علينا المسبّب بشرط اتّفاق وجود السبب ؛ إذ مع وجود السبب لابدّ من وجود المسبّب ، إلّا أن يمنع مانع. ومحال أن يكلّفنا الفعل بشرط وجود الفعل ، بخلاف مقدّمات الأفعال. فإنّه يجوز أن يكلّفنا الصلاة بشرط أن يكون قد تكلّفنا الطهارة ، كما في الزكاة والحجّ. وبنى على هذا في الشافي نقض استدلال المعتزلة لوجوب نصب الإمام على الرعيّة ، بأنّ إقامة الحدود واجبة ، ولا يتمّ إلّا به.
وهذا كما تراه ، ينادي بالمغايرة للمعنى المعروف في كتب الأصول المشهورة لهذا الأصل. وما اختاره السيّد فيه محلّ تأمّل ، وليس التعرّض لتحقيق حاله هنا بمهمّ.
فلنعد إلى البحث في المعنى المعروف ، والحجّة لحكم السبب فيه : أنّه ليس محلّ خلاف يعرف ، بل ادّعى بعضهم فيه الإجماع ، وأنّ القدرة غير حاصلة مع المسبّبات فيبعد تعلّق التكليف بها وحدها. بل قد قيل إنّ الوجوب في الحقيقة لا يتعلّق بالمسبّبات ، لعدم تعلّق القدرة بها. أمّا بدون الأسباب فلامتناعها ، وأمّا معها فلكونها حينئذ لازمة لا يمكن تركها. فحيث ما يرد أمر متعلّق ظاهرا بمسبّب فهو بحسب الحقيقة متعلّق بالسبب ؛ فالواجب حقيقة هو ، وإن كان في الظاهر وسيلة له.
وهذا الكلام عندي منظور فيه ؛ لأنّ المسبّبات وإن كانت القدرة لا تتعلّق بها ابتداء ، لكنّها تتعلّق بها بتوسّط الأسباب ، وهذا القدر كاف في جواز التكليف بها. ثمّ إنّ انضمام الأسباب إليها في التكليف يرفع ذلك الاستبعاد المدّعى في حال الانفراد.