وأيضا المقدّمة قد تكون سببا وقد تكون شرطا وقد تكون مانعا وقد تكون معدّا والأوّلان مأخوذان في حصول الواجب وجودا ، والثالث عدما ، والرابع وجودا وعدما ؛ وقد عرفوا السبب بأنّه ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم ، والشرط بأنّه ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود ، والمانع بأنّه ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه الوجود ، والمعدّ ما يلزم من كلّ من وجوده وعدمه المطلق العدم فيعتبر كلّ من وجوده وعدمه في الوجود فيؤخذ كلّ من مفهومي الشرط والمانع.
وقد اورد على تعريف السبب بأنّ السبب قد يجامع عدم الشرط أو وجود المانع فلا يلزم من وجوده الوجود ، وقد يخلف السبب سبب آخر ، فلا يلزم من عدمه العدم.
وقد زاد بعضهم في الحدّ التقييد بقوله : «لذاته» ليحترز من ذلك ، وأنت خبير بأنّ أقصى ما يستفاد من التقييد المذكور التحرّز عن التخلّف الحاصل من وجود المانع ، وأمّا ما يكون بفقدان الشرط فالاستلزام غير حاصل مع عدمه ، إذ ذات المقتضي مع قطع النظر عن وجود الشرط غير كاف في الوجود.
وأيضا فالتحرّز به عن قيام سبب مقام آخر غير ظاهر ، إذ لا اقتضاء لانتفاء السبب الخاصّ في انتفاء المسبّب حتّى يكون قيام السبب الآخر مقامه خروجا عن مقتضى ذلك السبب ، لوضوح أنّ اللازم قد يكون أعمّ ، ومن المقرّر عدم اقتضاء انتفاء الملزوم انتفاء اللازم.
ويرد عليه : صدق الحدّ المذكور على العلّة التامّة الجامعة للمقتضي والشرائط وانتفاء الموانع وهو خلاف ظاهر اصطلاح أرباب المعقول ، كيف وقد قابلوا السبب بالشرط والمانع وهو ظاهر في عدم اندراج أحدهما في الآخر؟
وقد أورد أيضا على الحدّ المذكور بأنّ كثيرا من الأسباب الشرعيّة معرّفات للحكم ، وليست بمقتضيات حقيقة لثبوت الأحكام المتفرّعة عليها ، فلا يندرج في الحدّ المذكور ، لظهوره في كون السبب هو الباعث على وجود المسبّب لا مجرّد