سببا لإيجابه نظرا إلى حصول المانع منه ، على أنّه لو تمّ ذلك لما اختصّ بالواجبات التوصّليّة بل جرى في غير العبادات من الواجبات ، إذ المقصود فيها حصول الفعل وهو حاصل بالحرام كما يحصل بغيره من غير فرق بينها وبين الواجبات التوصّليّة ، فالقول بجواز الاجتماع فيه ضعيف جدّا. وكان مقصود المصنّف هو حصول الثمرة المطلوبة من الواجب من الحرام ، فيسقط التكليف بأداء الحرام كما يسقط بأداء الواجب بخلاف ما يكون المقصود منه الامتثال دون مجرّد حصول الفعل.
ثانيها : أنّه هل يجوز اجتماع الوجوب النفسي والحرمة الغيريّة أم لا؟ والّذي يتقوّى في النظر جوازه نظرا إلى أنّ الوجوب النفسي إنّما يقتضي رجحان الفعل على الترك رجحانا مانعا من النقيض ، والحرمة الغيريّة إنّما يقتضي مرجوحيّته بالنسبة إلى الفعل الآخر الّذي هو أهمّ منه مرجوحيّة قاضية بتعيّن الإتيان بالآخر ولا تدافع بين الوصفين ، إذ لا مانع من رجحان الفعل على تركه ومرجوحيّته بالنسبة إلى فعل آخر سواء لم يكن الراجحيّة والمرجوحيّة مانعة من النقيض كما في المندوبات المتعارضة أو كانت مانعة منه كما في الواجبات المتعارضة أو كانت الراجحيّة غير مانعة والمرجوحيّة مانعة كما في المندوب والمعارض للواجب.
ويرد عليه : أنّه إن اخذت الراجحيّة والمرجوحيّة في المقام بالنسبة إلى كلّ من الجهتين المفروضتين فلا مانع من اجتماعهما قطعا إلّا أنّ ثبوت الراجحيّة والمرجوحيّة حينئذ إنّما يكون على نحو القضيّة الطبيعيّة من غير أن يكون الصفتان حاصلة له في الخارج على نحو ما يلحظ في القضيّة المحصورة ، ومفاد ذلك اجتماع الجهتين لا اجتماع الحكمين ، وقد عرفت أنّه لا مانع منه قطعا بل هو حاصل في محلّ النزاع أيضا من غير أن يكون هناك تأمّل في جوازه ، وإن لوحظ ثبوت الراجحيّة والمرجوحيّة المفروضتان (١) له بحسب الواقع فيريد الشارع في الواقع بعد ملاحظة جميع جهات الفعل الحاصلة له بحسب ذاته وبحسب الخارج
__________________
(١) كذا في الأصل والصواب المفروضتين.