بكون المطلوب هو نفس الأجزاء خاصّة فيلزم خروج الجزء بعد تعلّق الوجوب بالكلّ عن الجزئية وهو خلف ، وإمّا أن يقال بكون المطلوب هو الإتيان بالجميع وإن يكن كلّ منهما مطلوبا مستقلّا فهو لا يجامع حرمة البعض والمنع من الإتيان به ، ومع الغضّ عن ذلك فلا ريب في استلزام الكلّ لجزئه وعدم انفكاكه عنه ، فإذا فرض كون اللازم حراما امتنع الأمر بالملزوم لما عرفت من استحالة تعلّق كلّ من الأمر والنهي بالمتلازمين نظرا إلى استحالة التكليف بالمحال.
ثانيها : صريح فهم العرف في المقام ، فإنّه إذا قال للمكلّفين «صلّوا وللحائض لا تصلّي» فهم التخصيص وخروج الحائض عن متعلّق الأمر ، وكذا لو أمر بالصلاة المشتملة على السورة ثمّ قال : ولا يقرأ سور العزائم في الصلاة دلّ على كون المطلوب هو الصلاة الّتي لا يؤتى فيها بتلك السور وهكذا ، فإذا خرج ذلك عن متعلّق الأمر في حكم العرف لزمه فساد العمل.
فإن قلت : غاية ما يفهم من العبارة المذكورة عدم كون الصلاة الّتي يقرأ أحد العزائم مكان السورة الواجبة فيها مطلوبا للشارع ، فيكون النهي المتعلّق بقراءة العزيمة دالّا على عدم الاجتزاء بها في الصلاة ، لا أنّ الصلاة المشتملة عليها فاسدة وإن أتى فيها بسورة اخرى حتّى يكون النهي المتعلّق به قاضيا بفساد العبادة.
قلت : المقصود في المقام من دلالة النهي المتعلّق بجزء العبادة على فسادها هو ما لو جعل المنهيّ عنه جزءا للعبادة وأتى به مكان الجزء المطلوب ، كما في الصورة المفروضة. وأمّا لو تعلّق النهي حينئذ بالجزء مطلقا من غير أن يكون هناك ما يؤتى به مكانه ، فإنّه يقضي بفساد أصل العبادة ، كما إذا طرءه مرض في آخر النهار يضرّ معه الصوم لنهيه حينئذ عن الإمساك ، فإذا صام على الوجه المذكور فسد صومه ـ حسب ما بيّناه ـ وأمّا إذا تعلّق النهي ببعض أجزاء العبادة مع التمكّن من إتيان الجزء على الوجه الغير المنهيّ عنه فأتى به على الوجهين لم يفد ما ذكرناه من دلالة النهي على الفساد على فسادها في المقام ، وذلك يشبه ما لو تعلّق النهي بأمر خارج عن العبادة الحاصلة على الوجه المطلوب كالإتيان بفعل منهيّ عنه في أثنائها.