الثالث : أنّ ذلك هو المستفاد من تتبّع الأخبار فقد روي (١) وجه الدلالة أنّ المراد بالتعليل المذكور انّه لم يعص بالنكاح من حيث كونه نكاحا ، إذ ليس العقد المذكور محرّما لأجل كونه عقدا وإنّما المنع منه من جهة عصيان السيّد وإيقاع العقد من دون إذنه ورضاه ، فهو محرّم لأمر خارج ، فليس المراد من نفي عصيانه تعالى نفي عصيانه له مطلقا ، لوضوح كون عصيان السيّد عصيانا له تعالى بل المقصود نفي عصيانه تعالى على الوجه المذكور ، كما هو واضح بعد التأمّل في الرواية ، وحينئذ فالمستفاد منها أنّه لو تعلّق النهي بنفس المعاملة من حيث نفسها حتّى يتحقّق عصيانه تعالى بنفس إيقاع المعاملة كانت باطلة ، وأمّا إذا لم يتعلّق بها نهي لأجل نفسها وإن تعلّق بها من جهة خارجيّة ككونها عصيانا للسيّد لم يقض ذلك بفسادها ، فحينئذ ينطبق ذلك على ما اخترناه من أنّ النهي إن تعلّق بالمعاملة إمّا بنفسها أو بجزئها أو بأمر خارج عنها لازم لها أو مفارق لأجل المعاملة كان قاضيا بفسادها ، لكون الإتيان بالعقد المفروض حينئذ مخالفة له تعالى وأمّا إذا تعلّق النهي بها على أحد الوجوه المذكورة لكن لا لأجل المعاملة بل من جهة خارجيّة لم يقض ذلك بالفساد.
وقد يورد عليه بوجوه :
أحدها : أنّ المستفاد من التعليل المذكور أنّه لو كان تحريم المعاملة من جهة منعه تعالى وحصول عصيانه تعالى ابتداء من جهة الإتيان بها كان ذلك قاضيا بفسادها سواء كان ذلك لأجل المعاملة أو لغيرها وأمّا إن كان تحريمها لا من جهة منعه تعالى ابتداء ... (٢).
__________________
(١) الرواية هكذا : ما رواه ثقة الإسلام الكليني وشيخ الطائفة في التهذيب في الحسن ـ بابراهيم بن هاشم ـ ورئيس المحدّثين الصدوق فيمن لا يحضره الفقيه في الموثّق ـ بعبد الله بن بكير ـ عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال: سألته عن مملوك تزوّج بغير إذن سيّده؟ فقال ذاك إلى سيّده إن شاء أجازه وإن شاء فرّق بينهما ، قلت : أصلحك الله إنّ الحكم بن عتيبة وابراهيم النخعي وأصحابهما يقولون : إنّ أصل النكاح فاسد ولا يحلّ له إجازة السيّد له فقال أبو جعفر عليهالسلام : إنّه لم يعص الله بل عصى سيّده فإذا أجاز فهو له جائز. (هامش المطبوع)
(٢) كذا.