عليها فهو دالّ على الماهيّة المطلقة والحضور في الذهن من لوازم الدلالة ، ولفظة «اسامة» موضوعة للماهيّة الحاضرة في الذهن فالحضور والتشخّص في الذهن مأخوذ في وضعها.
وبتقرير أوضح : قد يوضع اللفظ للماهيّة الخارجيّة سواء حصل عند العقل أو لا لكن دلالة اللفظ عليها يستلزم حصولها فيه حال الدلالة فليس خصوص المقيّدة بالحصول هو الموضوع له.
وقد يوضع للماهيّة المقيّدة بالحصول في الذهن فالحصول بالفعل فيه قيد للوضع مأخوذ فيه وليس ما عداه من موضوع اللفظ ، فالأوّل هو حال الوضع في اسم الجنس والثاني هو الحال في علم الجنس والمعرّف بلام الجنس والعهد الذهني. فظهر بذلك ما في كلام نجم الأئمّة حيث بنى على أنّ التعريف في اللام لفظي في الجنس والاستغراق والعهد الذهني وأنّ اللام المفيدة للتعريف حقيقة هي الّتي للعهد الخارجي لا غير ، وبنى أيضا على أنّ التعريف في علم الجنس من قبيل التعريف اللفظي ، قال ـ بعد توجيه كلامهم في جعل الأعلام الجنسيّة من المعرّف الحقيقي ـ أقول : إذا كان لنا تأنيث لفظي كغرفة وبشرى ونسبة لفظيّة نحو كرسي فلا بأس أن يكون لنا تعريف لفظي إمّا باللام ـ كما ذكرنا قبل ـ وإمّا بالعلميّة كما في اسامة ، انتهى. فعلى هذا لا فرق بين اسم الجنس وعلم الجنس في المعنى وكذا بينه وبين المعرّف بلام الجنس وإنّما الفرق بينهما في الامور اللفظيّة.
قلت : وتنقيح المرام يتمّ ببيان معنى التعريف في المقام ، فنقول : إنّ التعريف هو تعيين الشيء وإحضاره في الذهن من حيث كونه معيّنا. إمّا في الخارج أو في الذهن ، فلا منافاة بين الكلّية والتعريف ، إذ الكلّي متعيّن في الذهن فإن اريد من حيث تعيينه فيه كان معرفة وإلّا كان نكرة ، فلفظ إنسان مع قطع النظر عن لواحقه العارضة له نكرة ، لدلالتها على الطبيعة المطلقة ، وكذا لو لحقها التنوين بل يزيده تنكيرا إذا كان تنوين التنكير ، ولو لحقه لام التعريف كانت إشارة إلى الطبيعة الحاضرة في الذهن ، إذ بنفس لفظة «الإنسان» تحضر الماهيّة المخصوصة في الذهن