والعهد الذكري من أوضح صوره هذا. وقد ظهر بما قرّرنا أنّه ليس التعريف في الاستغراق إلّا من الجهة المذكورة دون تعيّن معناه بحسب الواقع من جهة استغراقه لجميع الآحاد ، إذ لو كان ذلك باعثا على التعريف لجرى في غيره من ـ نحو كلّ رجل وكلّ عالم ـ ولا يتوهّم أحد اندراجه في المعرفة ، إذ لا تعيّن له بأحد الوجوه الثلاثة المذكورة فلا تغفل.
فإن قلت : على ما ذكرت يكون اسامة والأسد اسمين للصورة الذهنيّة الحاصلة في العقل فإطلاقهما على الفرد يكون مجازا ، وعن الحاجبي أنّ أعلام الأجناس وضعت أعلاما للحقائق الذهنيّة كما اشير باللام في نحو اشتر اللحم إلى الحقيقة الذهنيّة فكلّ واحد من هذه الأعلام موضوع لحقيقة في الذهن متّحدة فهو إذن غير متناول غيرها وضعا ، وإذا اطلق على فرد من الأفراد الخارجيّة ـ نحو هذا اسامة مقبلا ـ فليس ذلك بالوضع بل لمطابقة الحقيقة الذهنيّة لكلّ فرد خارجي مطابقة كلّ كلّي عقلي لجزئيّاته الخارجيّة.
قال نجم الأئمّة : ولم يصرّح المصنّف بكون استعماله في الفرد الخارجي مجازا ولا بدّ من كونه مجازا على مذهبه قال : وكذا ينبغي عنده أن لا يقع اسامة على الجنس المستغرق خارجا فلا يقال : إنّ اسامة كذا إلّا الأسد الفلاني ، لأنّ الحقيقة الذهنيّة ليس فيها معنى الاستغراق كما ليس فيها التعيين انتهى.
ويظهر منه بعد ذلك إسناده الوجه المذكور إلى النحاة وإلزامه عليهم ما ألزمه على الحاجبي. ولا يخفى عليك أنّ التزام ذلك في غاية البعد ، إذ المحتاج إليه في غالب الاستعمالات هو الحكم على الأفراد الخارجيّة والإخبار عنها وبيان أحوالها فيلزم التجوّز في غالب استعمالاتها وهو في غاية البعد ، بل لا وجه للقول به ، فيلزم من فساد اللازم المذكور بطلان ملزومه ، وهو ما ذكر في معنى المعرّف بلام الجنس والأعلام الجنسيّة.
قلت : لا يلزم على ما ذكرنا أن يكون أعلام الأجناس ونحوها أسامي للصور الذهنيّة، بل نقول إنّها أسامي للامور الخارجيّة من حيث كونها متصوّرات عند