سادسها : ما احتمله البعض المتقدّم أيضا وهو أن يكون اللام لتعريف الجنس والفرد. ثمّ ينقسم الأخير إلى الوجوه الثلاثة من العهد والاستغراق والعهد الذهني ، وكان الوجه فيه سهولة الأمر في إرجاع الثلاثة الأخيرة إلى المعنى المذكور مع تقليل الاشتراك وعدم لزوم المجاز في شيء من الاستعمالات.
ويضعّفه : أنّ اللام لا يفيد تعريف الفرد على جهة الإطلاق ليجعل موضوعا بإزائه وإنّما يفيد تعريف خصوص المعهود أو جميع الأفراد ، وقد عرفت وهن القول بتعريفه للفرد في العهد الذهني ، هذا ملخّص الوجوه المذكورة في المقام.
وأنت إذا أحطت خبرا بما ذكرنا عرفت : أنّ اللام ليست موضوعة إلّا لمعنى واحد هو التعريف والتمييز والإشارة كما هو قضيّة جعلها أداة للتعريف مفيدا له ، إذ الإشارة من أسبابه ، ولذا عدّ أسماء الإشارة من المعارف لما تتضمّن من معنى الإشارة الباعثة على التعيين.
وقد حكي عن التلويح وغيره أنّ اللام بالإجماع للعهد ومعناه الإشارة والتعيين والتمييز.
فنقول حينئذ : إنّ ذلك ممّا يصحّ تعلّقه بكلّ من الوجوه المذكورة فيختلف الحال باختلاف ما تعلّق به ، فقد يتعلّق بالجنس والطبيعة المطلقة فيكون لتعريف الجنس ، وقد يتعلّق بجميع الأفراد فيكون للاستغراق ، وقد يتعلّق بفرد مقدّم في الذكر أو معلوم بالحضور [أو](١) من الخارج فيكون للعهد ، فليس اللام موضوعة إلّا لمطلق التعريف وتلك الخصوصيّات إنّما يجيء من جهة متعلّقه ، فعند التحقيق لا يرجع شيء من المعاني المذكورة إلى آخر بل كلّها امور متغايرة ، إلّا أنّ اللام لم يوضع لخصوص شيء منها ، وإنّما يتحصّل تلك المعاني من جهة ضمّ معنى اللام إلى ما يراد من مدخوله ، فهي إنّما تأتي من التركيب من غير أن يكون هناك وضع للهيئة التركيبيّة كما ظنّ في بعضها.
نعم الظاهر إرجاع العهد الذهني إلى تعريف الجنس ـ حسب ما مرّ تفصيل
__________________
(١) لم يرد في بعض النسخ.