ومن البيّن صدق الثاني مع تخلّف الحكم عن الواحد والاثنين بخلاف الأوّل حسب ما ذكر في الاستغراق الحاصل في غير المعرّف.
قال المحقّق الشريف ـ بعد ما نصّ على أنّ المفرد المعرّف بلام الاستغراق يفيد استغراق الآحاد ـ وأمّا الجمع فلما دلّ على الجنس مع الجمعيّة فلو أجرى حاله في الاستغراق على قياس حال المفرد كان معناه كلّ جماعة جماعة لا كلّ واحد ، فإذا نسب إليه حكم كان الظاهر انتسابه إلى كلّ جماعة ، انتهى.
واورد عليه بوجوه :
منها : أنّه لو كان مفاد الجمع ما ذكر لزم التكرار في معناه ، فإنّ الثلاثة جماعة والأربعة جماعة فيندرج الثلاثة فيها والخمسة كذلك فيندرج الثلاثة والأربعة فيها وهكذا إلى أن يبلغ من حيث (١) هو كلّ فإنّه أيضا جماعة فيكون معتبرا في الجمع المستغرق مع اندراج سائر المراتب المعتبرة فيه كلّا ألا ترى الأئمّة يفسّرون الجماعة المعرفة بكلّ واحد واحد أو بالمجموع من حيث هو مجموع لا بكلّ جمع جمع كذا يستفاد من كلام المحقّق الشريف.
وفيه أوّلا : النقض بالاستغراق الوارد على الجماعة كما في قولك «أكرم كلّ جماعة من العلماء ، وأعط كلّ جمع من القوم» إذ لا ريب في صحّة الاستعمال المذكور من دون غضاضة مع جريان الكلام المذكور فيه حرفا بحرف.
وثانيا : أنّ المستفاد من قولنا كلّ جماعة هو استغراق الجماعات الغير المتداخلة كما يشهد به ملاحظة العرف ولذا لا يتوهّم فيه حصول التكرار ، فكذا الحال في الاستغراق المفهوم من الجمع المعرّف.
ومنها : أنّه لو سلّم كون مفاد الجمع في المقام كلّ جمع فلا يمكن خروج الواحد والإثنين ، لأنّ الواحد مع اثنين آخرين من الآحاد والاثنين مع واحد آخر منها جمع من الجموع داخل في الحكم فيعمّ الحكم لجميع الآحاد على نحو عموم
__________________
(١) كذا وجد فيما عندنا في النسخ ولا يخفى ما فيه والمقصود الى أن يبلغ أعلى المراتب الّذي هو الكلّ.