حاصل بما ذكرناه ، فتبيّن بما بيّناه أنّ الاستناد إلى الوجوه المتقدّمة في وضعه للمعنى المذكور ليس في محلّه ، لما عرفت من عدم استناد التبادر إلى نفس اللفظ وأنّ الوجه فيه ما قرّرناه ، وكذا الحال فيما ذكره أئمّة الفنّ من إفادته عموم الأفراد وجواز استثناء الواحد منه على ما مرّ.
ثانيها : أنّ الجمع المعرّف هل هو حقيقة في خصوص العموم الأفرادي أو يعمّه والعموم المجموعي؟ وجهان ، وقد نصّ بعض المتأخّرين على كونه حقيقة في خصوص العموم الأفرادي مجازا في غيره. ونصّ المحقّق الشريف بأنّ الأوّل أكثر تداولا عن الثاني لكن لم يصرّح بكونه حقيقة فيه بخصوصه. ولم أر في كلماتهم تنصيصا على كونه حقيقة في خصوص الأوّل سوى من أشرنا إليه من متأخّري المتأخّرين ومن يحذو حذوه. وظاهر ما حكاه المحقّق الشريف عنهم ـ من الحكم بأنّ قول القائل للرجال : «عندي درهم» إقرار بدرهم واحد للكلّ بخلاف قوله لكلّ واحد من الرجال : «عندي درهم» فإنّه إقرار لكلّ رجل بدرهم ـ يعطي تكافؤ الاحتمالين المذكورين عندهم حيث لم يحكموا باشتغال ذمّته بما يزيد على درهم ، ولو كان المفهوم منه عندهم خصوص العموم الأفرادي لنزّلوه منزلة كلّ كما في المثال الثاني ، وربما يتراءى انصراف القول بكونه حقيقة في العموم إلى العموم الاستغراقي وهو ضعيف ، لما عرفت من كونه أعمّ من الوجهين ، وما ذكر عنهم في مسألة الإقرار أقوى شاهد عليه. وكيف كان فالتحقيق كما عرفت كون إفادته العموم من الجهة الّتي ذكرناه ، لا لوضعه لخصوص العموم حسب ما توهّمه الجماعة من المتأخّرين ، وذلك أعمّ من كونه على وجه العموم الأفرادي ليكون الحكم منوطا بكلّ واحد من الآحاد المندرجة فيه أو مجموعيّا يتعلّق الحكم بالمجموع ، فكلّ من اللام ومدخوله حقيقة على كلّ من الوجهين فإن ظهر من المقام أو من الحكم المتعلّق به أحد الوجهين بني عليه من دون تجوّز ، وإن احتمل الأمران من غير ظهور وترجيح لأحد الوجهين من شواهد المقام لزم التوقّف في مقام الاجتهاد ، والرجوع إلى الاصول الفقهيّة في مقام العمل. ومنه ما ذكر من مثال