«ما من رجل في الدار» وما كانت النكرة مثل لفظ «بدّ» و «ديّار» و «أحد» إذا كان اسما لا وصفا ممّا لا يستعمل إلّا مع النفي صريحة في العموم ، والحق بها ما إذا كانت النكرة صادقة على القليل والكثير على نحو واحد ـ كالشيء والماء والدهن والدبس ونحوها ـ وقد نبّه عليه الشهيد رحمهالله في التمهيد ، والكائنة بعد «ليس» و «ما ولا» المشابهتين لها ظاهرة فيه. قالوا والفرق بين القسمين أنّه لا يصحّ إثبات الزائد على الواحد في الأوّل بخلاف الثاني ، فلا يقال «لا رجل عندي بل رجلان» أو «ما من رجل عندي بل رجلان» بخلاف «ليس عندي رجل بل رجلان أو رجال».
وأنت خبير بأنّ نصوصيّة الأوّل وظهور الثاني انّما هي في الدلالة على العموم مطلقا ، وأمّا الدلالة على العموم بالنسبة إلى المعنى المراد بالنكرة فلا فرق بينهما في ذلك ، حسب ما مرّت الإشارة إليه.
نعم يمكن أن يقال : إنّ النكرة في قولك «ليس عندي رجل» يحتمل أن يراد به الفرد المعيّن في الواقع ، المبهم عند المخاطب ، كما في النكرة الواقعة في الخبر المثبت على ما نصّ عليه بعضهم فيما مرّ ، ولا دلالة فيها على العموم أصلا ، فظهورها في العموم إنّما هو من جهة قيام الاحتمال المذكور في الصورة الثانية بخلاف الاولى.
ويشكل ذلك بأنّ الاحتمال المذكور أبعد الوجوه في النكرة في المقام ، وربما لا يكون قيام مثل هذا الاحتمال منافيا للنصوصيّة ، ولذا لم يعلّل الحكم بالظهور بذلك في كلامهم ، وكيف كان فقيام هذا الاحتمال هنا قاض بالاختلاف في وضوح الدلالة لو سلّم عدم إخراجه لها عن النصوصيّة في الجملة هذا. وألحق بعضهم بالأوّل النكرة الواقعة بعد «لم» و «لن» وهو غير متّجه ، لقيام ما ذكر من الاحتمال بالنسبة إليهما أيضا ، إذ لا مانع من أن يقال : لم يجئني رجل بل رجلان. ومثله الواقع بعد ما النافية للفعل نحو «ما جائني رجل بل رجلان» ويقوم فيها الاحتمال الأخير أيضا ، فالأظهر إلحاق الجميع بالظاهر في العموم المطلق.