بملاحظة معناه التامّ بذلك فغير متّجه ، إذ لا يمكن خلوّ المعنى التامّ عن أحد الوجهين ، أقصى الأمر عدم اندراج الأفعال في النكرة المصطلحة حيث إنّه اصطلح المعرفة والنكرة في الألفاظ بملاحظة معناها المطابقي دون التضمّني ، والتنكير الحاصل في معناها التامّ من قبيل تنكير المصادر الغير المنوّنة وليس كتنكير الفرد المنكّر ليكون المراد بها فردا ما ـ حسب ما مرّت الإشارة إليه ـ وقد عرفت أنّ النكرة على وجهيها يفيد العموم عند الوقوع في سياق النفي أو النهي.
وعلى الثاني : بأنّ ذلك لمناسبتها لها من حيث إنّه يصحّ تأويلها بها كما تقول في «قام رجل ذهب أبوه ذاهب أبوه» كذا حكي عن نجم الأئمّة. وفيه : أنّه إن اريد بذلك عدم اندراجها في النكرة المصطلحة فمسلّم ، ولا يجدي في المقام. وإن اريد عدم إفادتها مفاد النكرة فغير متّجه ، إذ لو لا ذلك لما قامت النكرة مقامها.
ثالثها : أنّ مفاد الفعل حكم ، والأحكام من النكرات ، لأنّ الحكم بشيء على آخر يجب أن يكون مجهولا عند السامع ، وإلّا لغى الكلام وخرج عن الإفادة ، كبيان الواضحات نحو «السماء فوقنا» وهذا الوجه ضعيف جدّا ، فإنّ النكرة في اصطلاحهم ليست عبارة عن كون الشيء مجهولا عند السامع ، بل كون الذات غير مشاربها إلى متعيّن في الذهن أو الخارج ، وأيضا سلّمنا كون الشيء مجهولا نكرة لكن لا يلزم من ذلك أن يكون نفس الخبر والصيغة نكرة ، إذ المجهول انتساب ما تضمّنه الخبر والصيغة إلى المحكوم عليه ، فإنّ المجهول من مجيء زيد انتساب المجيء إلى زيد لا مفهوم المجيء المحمول عليه ، كيف ولو لزم تنكير المحكوم لم يجز أن يقول : «زيد القائم وأنا زيد» وكان التعريف في المقام قاضيا بمعرفة النسبة، فكان كقولك «السماء فوقنا» وليس كذلك ضرورة. وذلك محصّل ما حكي عن نجم الأئمّة وهو متّجه.
وكيف كان فالمختار عندنا إفادته العموم على مقتضى الإطلاق من غير أن يكون تقييده ببعض الصور قاضيا بالتجوّز فيه ، فالعموم من لوازم الإطلاق ومقتضياته من غير أن يكون اللفظ موضوعا بإزائه حسب ما مرّ تفصيل القول فيه في مبحث النهي.